وبهذا ظهر فساد القول بالتفصيل بين ما يكون مختلفا في الجنس وما لا يكون كذلك ، كما لا يخفى.
وما ذكرنا توضيح لما أفاده العلّامة (١) في مقام الاستدلال لعدم التداخل من أنّه إذا اجتمع سببان لوجوب الوضوء ـ كالبول والنوم ، أو كالبول مرّتين ـ فإمّا أن يكون كلّ منهما مؤثّرا مستقلّا ، أو معا ، أو لا يكون مؤثّرا بوجه ، أو يؤثّر أحدهما دون الآخر ، وما عدا الوجه الأوّل فاسد ، فيكون مقتضى القاعدة عدم التداخل ، وذلك لأنّ ظهور القضيّة في الاستقلال والانحلال يتحفّظ في الأوّل دون سائر الوجوه.
بقي شيء ، وهو : أنّه ربما يقال ـ كما عن الفخر ـ : إنّ النزاع يبتني على كون موضوعات الأحكام معرّفات أو مؤثّرات (٢).
والمراد منه أنّ الموضوعات ليست بنفسها موضوعات بل هي معرّفات وكواشف لشيء آخر يكون هو موضوع الحكم في الحقيقة ، وهذا وإن كان مفيدا له إلّا أنّه خلاف الظاهر ، وبطلانه أوضح من أن يخفى ، فإنّ ظاهر قضيّة «الخمر حرام» أنّ نفس الخمر موضوع لحكم الحرمة ، سواء كان في العالم شيء آخر أم لا.
وأمّا ما ذكرنا مرارا من أنّ الأسباب الشرعيّة ليس فيها تأثير وتأثّر ، وإطلاق السبب عليها إطلاق مسامحيّ ، بل نسبة المسبّبات الشرعيّة إلى أسبابها نسبة الأحكام إلى موضوعاتها لا المعاليل إلى عللها ، والموضوعات لا ربط لها بعلل الأحكام ، فإنّها إمّا تكون المصالح والمفاسد الموجودة في المتعلّقات أو
__________________
(١) مختلف الشيعة ٢ : ٤٢٣ ـ ٤٢٥ ، المسألة ٢٩٨.
(٢) إيضاح الفوائد ١ : ١٤٥.