المصالح التي تكون في نفس الجعل ، فهو كلام متين ، لكنّه لا ربط له بالمقام ، ولا نحتاج في إثبات عدم التداخل إلى ذلك ، ويكفي لنا ظهور القضيّة في الاستقلال والانحلال ، سواء كان الموضوع مؤثّرا في الحكم أو لم يكن.
هذا كلّه فيما إذا كان متعلّق الجزاء قابلا للتعدّد ، كما في الوضوء الواجب لأجل النوم والبول ، وأمّا إذا لم يكن قابلا للتعدّد ، فإمّا أن يكون قابلا للتحيّث بحيثيّة دون أخرى ـ وباصطلاح شيخنا الأستاذ قدسسره : يكون قابلا للتقيّد (١) ـ أم لا.
فما يكون قابلا للتقيّد ـ وبعبارة واضحة ـ : الحكم فيه وإن لا يتكرّر ولا يتعدّد ، بل يكون حكما واحدا ، لكنّه له جهات وأسباب وحيثيّات يكفي وجود كلّ واحد منها لثبوت الحكم.
مثاله في الأحكام الوضعيّة : الخيار ، فإنّه عبارة عن ملك فسخ العقد ، ومن المعلوم أنّه لا يمكن أن يكون فسخ عقد واحد مملوكا بأزيد من ملكيّة واحدة ، لأنّه يلزم اجتماع المثلين لكنّه يمكن أن يكون هذا الأمر الواحد من حيثيّات متعدّدة ، كما إذا وقع العقد على حيوان ، وكان المجلس باقيا ، وكان المشتري مغبونا ، والمبيع معيوبا ، فالمشتري مالك للفسخ بملكيّة واحدة من جهة الحيوان ، ومن جهة المجلس والغبن والعيب بحيث لو أسقط خياره من بعض هذه ، له الفسخ بالباقي منها ، وفي الأحكام التكليفيّة : جواز القتل الواجب لأجل القصاص عن اثنين ، فإنّه أيضا وإن لم يكن قابلا للتعدّد ، لاستحالة أن يكون فعل واحد محكوما بجوازين ، فإنّه من اجتماع مثلين ، إلّا أنّه ثابت من جهتين وحيثيّتين بحيث لو عفا أولياء المقتول عن إحداهما ، يجوز لهم القصاص من الأخرى. وكيف كان ، ففي هذا القسم وإن كان اللازم الالتزام
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٤٢٨.