غرض له بكلّ واحد منهم مستقلّا وأنّ إكرام كلّ فرد منهم يكون ذا مصلحة ، وأخرى يلاحظ جميع الأفراد بالانضمام ويثبت له كذلك حكما ، ومنشؤه هو غرض واحد متعلّق بالمجموع ، والمجموع يكون ذا مصلحة ، لا كلّ فرد مستقلّا ، وثالثة يلاحظ فردا واحدا منتشرا بين جميع الأفراد ، ويثبت له حكما كذلك ، فالحكم وإن كان مختلفا في هذه الأقسام لاختلاف الغرض والمصلحة التي تكون في المتعلّق إلّا أنّه ليس منشأ لهذا التقسيم ، بل نفس ماهيّة هذه الأقسام مختلفة.
ثمّ إنّ ما في الكفاية من «أنّ مثل شمول لفظ عشرة وغيرها لآحادها المندرجة تحتها ليس من العموم ، لعدم صلاحيتها بمفهومها للانطباق على كلّ واحد منها» (١) من غرائب الكلام ، إذ ليس في ألفاظ العموم لفظ يكون صالحا بمفهومه للانطباق على كلّ واحد من الآحاد المندرجة تحته ، ضرورة أنّه لا ينطبق «كلّ عالم» أو «العلماء» أو «ما من عالم» بمفهومها على زيد العالم ، ولا يمكن أن يقال : إنّ زيدا كلّ عالم أو علماء ، كما لا يمكن أن يقال : إنّ الواحد عشرة. فليس معنى صلاحية العامّ للانطباق ما ذكره قدسسره ، بل معناها أنّ مدخول «كلّ» في «كلّ رجل أو لام الاستغراق في «الرّجال» ـ مثلا ـ يشمل وينطبق فعلا بواسطة الكلّ أو اللام الموضوع للشمول على كلّ ما يصلح أن ينطبق عليه لفظ الرّجل ومفهومه ، ومن المعلوم أنّ لفظ «العشرة» ليس كذلك ، بل هو من قبيل أسماء الأجناس ، كلفظ «رجل فكما أنّ لفظ «الرّجل ما لم يكن مدخولا ل «كلّ» وأمثاله لا ينطبق على جميع الأفراد ، بل يدلّ على مجرّد الطبيعة المهملة من حيث العموم والخصوص كذلك لفظ «عشرة» ما لم يكن مدخولا ل «كلّ»
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢٥٣.