فلا يجوز التمسّك بالعامّ في شيء منهما لإسراء حكمه إلى الفرد المشكوك كونه مصداقا للمخصّص.
وبتقريب آخر أوضح : القضيّة الخارجيّة وإن كانت متكفّلة لإثبات الحكم على موضوعه المحقّق وجوده لا المقدّر وجوده إلّا أنّ إحراز انطباق عنوان العامّ على المصاديق بعد ورود المخصّص موكول إلى نفس المخاطب ، ولا بدّ له من إحراز موضوع الحكم ، الّذي قيّد بواسطة المخصّص في كلتا القضيتين بغير عنوان المخصّص بحيث كأنّما قال المولى من الأوّل : «أكرم كلّ من في البلد فعلا الذين لا يكونون أعدائي» فبعد التخصيص يكون كلّ منهما على السواء في أنّ الموضوع لا بدّ وأن يكون مفروض الوجود ، فما لم يحرز مصداقيّة فرد من الخارج للموضوع المقيّد لا يثبت الحكم له ، فالفرد المشكوك المصداقيّة في المقام كالفرد المشكوك كونه عالما لو لم يكن مخصّص ل «أكرم العلماء».
وبهذا يظهر الفرق بين المقام وبين الشبهة في المفهوم في جواز التمسّك هناك وعدمه هنا ، إذ لفظ «العلماء» حيث لم يثبت تقييده بغير مرتكب الصغيرة وثبت تقييده بغير مرتكب الكبيرة ، لم تضيّق دائرة حجّيّته بالنسبة إلى مرتكب الصغيرة ، ولم يقيّد المراد الواقعي إلّا بعدم ما يكون قطعا داخلا تحت المخصّص ، فكأنّما قال المولى : «أكرم العلماء الذين لا يرتكبون الكبائر» فجواز التمسّك بالعامّ والحكم بوجوب إكرام العالم المرتكب للصغيرة ـ من جهة أنّ التقييد بعدمه لم يثبت ، ومصداقيته (١) لموضوع الحكم بعد عدم تضيّق دائرة الحجّيّة بالنسبة إليه ـ مقطوع ، بخلاف الشبهة المصداقيّة ، فإنّ مصداقيّة الفرد المشكوك كونه شارب الخمر ـ بعد إحراز تضيّق دائرة حجيّة «أكرم
__________________
(١) عطف على قوله : «جهة».