والمجاز ، وإلّا «لا شيء» لا يمكن أن يكون وصفا حقيقيّا للشيء ، فإذا كان المخصّص أمرا وجوديّا ـ كما في «لا تكرم من كان متّصفا بالفسق» ـ فلا محالة يقيّد العامّ بنقيض هذا العنوان ، ومن المعلوم أنّ نقيض الاتّصاف هو عدم الاتّصاف لا الاتّصاف بالعدم ، فيكون المراد من «أكرم كلّ عالم» بعد التقييد «أكرم كلّ عالم لم يكن متّصفا بالفسق» لا «كلّ عالم يكون متّصفا بعدم الفسق».
وبالجملة ، ما ذكرنا راجع إلى أنّ المأخوذ في الموضوع هو اتّصاف المحلّ بالعرض ، ونقيضه هو عدم الاتّصاف ، الأزليّ المحموليّ ، فلا مانع من جريان الاستصحاب فيه ، فيقال : إنّ زيدا العالم قبل عشر سنين ـ مثلا ـ لم يكن موجودا لا نفسه ولا صفة من صفاته ، والآن هو موجود بالوجدان ، وأمّا اتّصافه بالفسق فنشكّ فيه ، فنستصحب عدمه الأزليّ ، فيلتئم الموضوع. وهكذا نقول في قول الصادق عليهالسلام : «المرأة إذا بلغت خمسين سنة لم تر حمرة إلّا أن تكون امرأة من قريش» (١) فإنّ هذه المرأة ـ المشكوك قرشيّتها ـ قبل وجودها لم تكن لا نفسها ولا اتّصافها بالقرشيّة ، وبعد وجودها نشكّ في اتّصافها بالقرشيّة ، فيصحّ استصحاب عدم الاتّصاف ، الأزليّ المحموليّ الّذي هو أحد جزأي الموضوع ، ونضمّه إلى الوجدان ، فيلتئم الموضوع ، أيّ : المرأة التي لم تكن متّصفة بالقرشية.
نعم ، لو كان المخصّص أمرا عدميّا ، يشكل ذلك ، إذ العامّ حينئذ يقيّد بأمر وجوديّ ، كما لو ورد «إنّ المرأة إذا بلغت ستّين سنة لم تر حمرة إلّا أن تكون غير قرشيّة» فإنّ الموضوع يصير حينئذ «المرأة التي تكون من قريش» ومن الواضح أن ليس للاتّصاف بالقريش حالة سابقة حتى نستصحبه ونضمّه
__________________
(١) الفقيه ١ : ٥١ ـ ١٩٨ ، الوسائل ٢ : ٣٣٦ ، الباب ٣١ من أبواب الحيض ، الحديث ٧.