التمسّك بعمومات وجوب الوفاء بالنذر ووجوب إطاعة الوالدين والمولى مثلا لاندراج المشكوك كونه راجحا أو جائزا في حكم العامّ هو التمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقيّة بعينه ، فلا وجه للبحث عنه مستقلّا ، والشكّ ناشئ من جهة التخصيص لا غير.
ولو لم يؤخذ في موضوعه حكم أصلا ، فلا شكّ في اندراجه تحت العامّ ، وبعد اندراجه تحته يحكم بحكمه ، فيصير الوضوء بالماء المضاف واجبا ، ويثبت لازمه ، وهو الصحّة ، وحينئذ لو كان دليل العنوان الثانوي مطابقا لدليل العنوان الأوّلي في الحكم ، فهو ، وإلّا بأن كان أحدهما متكفّلا للحكم الوجوبيّ ، والآخر للحكم التحريمي ، فيقع التعارض بينهما ، فلا بدّ من الرجوع إلى المرجّحات في باب التعارض ، ومع عدم المرجّح يحكم بالتخيير.
وتوهّم أن يكون حينئذ من باب التزاحم ـ كما في الكفاية (١) ـ فيؤثّر ما هو أقوى ملاكا من الآخر لو كان في البين ، وإلّا لم يؤثّر أحدهما ، للزوم الترجيح بلا مرجّح ، فيحكم بالإباحة في الفرض ، فاسد ، إذ المناط في باب التزاحم أن تكون الاستحالة ناشئة من مقام الامتثال ـ لا في مقام الجعل ـ كما في إنقاذ الغريقين ، بخلاف باب التعارض ، فإنّ الملاك في كون الدليلين من هذا الباب أنّ استحالة الأخذ بكليهما نشأت من مقام الجعل والتكليف ، وأنّ أحدهما يقتضي محبوبيّة أمر والآخر مبغوضيّة هذا الأمر ، ومن المعلوم أنّ المقام ليس من قبيل دليل وجوب إنقاذ الغريقين أو الإزالة والصلاة بحيث لا تكون منافاة بين الدليلين في مقام الجعل أصلا ، وإنّما المنافاة نشأت من جهة عدم قدرة العبد على الامتثال ، كما لا يخفى.
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢٦٢ ـ ٢٦٣.