وأمّا الأدلّة الدالّة على صحّة الصوم في السفر والإحرام قبل الميقات لو وقع موردا للنذر ، لا يصلح للتأييد ، إذ نفس هذه الأدلّة تخصّص ما يدلّ على أنّ متعلّق النذر لا بدّ وأن يكون راجحا في جميع الموارد بغير الصوم والإحرام.
وتوهّم أنّ الصوم والإحرام يعتبر فيهما قصد القربة ، ولا يصحّان بدونه ، والأمر النذري توصّليّ يسقط بمجرّد الإتيان بمتعلّقه فكيف يحكم بلزوم قصده!؟ فاسد ، إذ الأمر النذري تابع لمتعلّقه في التوصّليّة والتعبّديّة ، ولا يتمحّض في أحدهما معيّنا ، فإن كان المتعلّق تعبّديّا قربيّا ، فهو أيضا كذلك ، وإن كان توصّليّا فتوصّليّ.
والحقّ في الجواب عن كلا الإشكالين ـ من اعتبار الرجحان في متعلّق النذر ، ولزوم قصد القربة في الصوم والإحرام مع كون الأمر النذري يسقط بدونه ـ بما ذكرنا من الالتزام بالتخصيص ، كما هو أحد الوجوه المذكورة في الكفاية (١) ، ومن تبعيّة الأمر النذري للمتعلّق في التعبّديّة والتوصّليّة ، لا ما أفاده في الكفاية (٢) (٢) من الوجهين :
أحدهما : أنّ الصوم في السفر والإحرام قبل الميقات راجحان ذاتا ، وعدم الأمر بهما إنّما هو لمانع يرتفع مع النذر.
والثاني : الالتزام بصيرورتهما راجحين بنفس تعلّق النذر بهما وإن لم يكونا قبلهما كذلك من جهة عروض عنوان راجح ملازم لتعلّق النذر بهما ، إذ كلا الوجهين مخدوشان.
أمّا الأوّل : فلأنّ ما فرض أنّه مانع لو كان مانعا في مرحلة الملاك ، فلازمه عدم الرجحان فيهما ذاتا ، وصيرورتهما راجحين بتعلّق النذر بهما ، فهو راجع
__________________
(١ و ٢) كفاية الأصول : ٢٦٣.