إلى الوجه الثاني ، إذ قبل تعلّق النذر لا يكون الملاك تامّا موجبا للرجحان ، وإن كان مانعا عن الأمر والملاك تامّ فيهما ، فلازمه صحّة الصوم في السفر والإحرام قبل الميقات بداعي المحبوبيّة ، ولا يمكن الالتزام به.
وأمّا الوجه الثاني : فلأنّ ذاك العنوان الموجب للحسن ـ مضافا إلى أنّه سفسطة ومعلوم العدم ـ لا بدّ وأن يقصد في مقام الإتيان على فرض وجوده ، لما مرّ في بحث مقدّمة الواجب [من] أنّ قصد العنوان الّذي به يصير الفعل حسنا وراجحا ، لازم.
مثلا : ضرب اليتيم حسن لو كان بقصد التأديب ، فإنّه يوجب حسنه ، وأمّا ضربه لا بقصد هذا العنوان فهو مصداق للظلم وإن ترتّب عليه التأديب قهرا.
والحاصل : أنّه لو كان رجحان الفعل بواسطة طروّ عنوان عليه لا بالذات ، لا يصحّ هذا الفعل ـ لو كان قربيّا ـ إلّا إذا قصد هذا العنوان بداعي المحبوبيّة ، فإنّ المأمور به حينئذ هو ذلك العنوان لا نفس الفعل ، فلازم ذلك في المثالين هو عدم الصحّة بمجرّد قصد الأمر النذري من دون أن يقصد ذاك العنوان الموجب للحسن.
وأمّا الحكم بصحّة النافلة في وقت الفريضة عند النذر على القول بحرمتها بدون النذر : فلأنّ ما يكون حراما ـ لو سلّم هو عنوان التطوّع والتنفّل ، كما يظهر من أدلّتها ، ومن المعلوم أنّ ذات «الصلاة خير موضوع» لا مرجوحيّة فيها أصلا ، بل المرجوحيّة تعرض عليها بواسطة انطباق عنوان التنفّل عليها ، وبتعلّق النذر بها تخرج عن تحت عنوان التنفّل ، فلا تكون نفلا بعد ذلك وزيادة حتى تكون حراما.