أخرى : في الشكّ في المراد لا في كيفيّة الاستعمال بعد معلوميّة المراد ، وأنّه هل هو بنحو الاستخدام أو غير ذلك؟ فلا وجه للعمل بأصالة الظهور وأصالة عدم الاستخدام في ناحية الضمير ، وهكذا لا مورد للعمل بأصالة العموم في طرف العامّ وإن كان الشكّ فيه في أصل المراد ، إذ موردها يختصّ بما إذا انعقد للكلام ظهور في العموم بأن لا يكون الكلام مشتملا على ما يصلح للقرينيّة على الخصوص ، كما في المقام ، فإنّ رجوع الضمير إلى بعض أفراد العامّ يكون ممّا يحتمل أن يتّكل عليه ، ويجعله قرينة على الخصوص ، لكونه صالحا لذلك.
هذا ، وأورد عليه شيخنا الأستاذ بأنّ المقام لا يصلح لأن يكون من قبيل احتفاف الكلام بما يصلح للقرينيّة ، فإنّ الميزان في باب اكتناف الكلام بما يصلح للقرينيّة هو أن يكون ذلك في كلام واحد ، وأمّا لو كان في كلامين مستقلّين ، فلا يجوز للمولى أن يتّكل بما في أحدهما على إرادة خلاف الظاهر من الآخر ، والمقام من هذا القبيل ، فإنّ (الْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ) كلام مستقلّ متكفّل لحكم ، و (بُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَ) كلام آخر مستقلّ مشتمل على حكم آخر ، فلو اتّكل على ما في هذا الكلام من الضمير على إرادة الخصوص من العامّ في ذاك الكلام ، فقد أخلّ ببيان مرامه (١).
والحقّ في المقام هو الالتزام بالتخصيص ، وأنّ رجوع الضمير إلى بعض الأفراد قرينة عرفيّة على أنّ المراد من العامّ هو الخصوص.
وذلك لأنّ لنا ظهورين : أحدهما : ظهور العامّ في العموم ، والآخر : ظهور الضمير في اتّحاد ما يراد منه مع ما يراد من مرجعه ، ومن الواضح أنّ الظهور الثاني مقدّم عرفا. وذلك من جهة أنّ الضمير بمنزلة اسم الإشارة بعينه ،
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٤٩٥ ـ ٤٩٦.