النسبة بين العموم والمفهوم عموما من وجه ، وحينئذ لو كانت دلالة العامّ على العموم بالوضع ـ بأن كان مدخولا للفظ «كلّ» أو جمعا محلّى باللام ـ كما إذا ورد «كلّ ماء جار لا ينجّسه شيء» وورد أيضا ـ كما ورد ـ «إذا بلغ الماء قدر كرّ لا ينجّسه شيء» (١) فإنّ مفهومه «إذا لم يبلغ الماء قدر كرّ ينجّسه شيء» فحينئذ يقدّم العموم على المفهوم ، إذ دلالة الشرطية على المفهوم وإن كانت بالوضع إلّا أنّ دلالتها على انحصار سبب الاعتصام وعدم انفعال الماء بالكرّيّة وعدم وجود عدل لها تكون بالإطلاق ، فلا يصلح لأن يعارض مع ما يدلّ على وجود عدل لها بالوضع ، فيقيّد المنطوق ، ويكون المتحصّل منه أنّه «إذا كان الماء قدر كرّ أو جاريا لا ينجّسه شيء» ومفهومه أنّه «إذا لم يكن الماء قدر كرّ ولم يكن جاريا فينجّسه شيء».
ولو كانت دلالة العامّ على العموم بالإطلاق ، كما في المفرد المحلّى باللام ، ومثاله «الماء الجاري يطهّر بعضه بعضا» مع مفهوم «إذا بلغ الماء قدر كرّ لا ينجّسه شيء» فيصير العامّ وما له المفهوم مجملا أو في حكمه ، كما أفاده في الكفاية (٢) ، لما أفاده من عدم تماميّة مقدّمات الحكمة في واحد منهما.
أو تكون النسبة بينهما عموما وخصوصا مطلقا ، بأن يكون المفهوم ـ مثلا ـ أخصّ مطلقا ممّا يدلّ على العموم ، كما في «خلق الله الماء طهورا لا ينجّسه شيء» (٣) ومفهوم «إذا بلغ الماء» إلى آخره.
وفي هذه الصورة يقدّم المفهوم على العموم مطلقا ، سواء كانت دلالة
__________________
(١) الكافي ٣ : ٢ ـ ٢ ، التهذيب ١ : ٣٩ ـ ٤٠ ـ ١٠٧ ، الاستبصار ١ : ٦ ـ ١ ، الوسائل ١ : ١٥٨ ، الباب ٩ من أبواب الماء المطلق ، الحديث ١.
(٢) كفاية الأصول : ٢٧٣.
(٣) المعتبر ١ : ٤٠ ، الوسائل ١ : ١٣٥ ، الباب ١ من أبواب الماء المطلق ، الحديث ٩.