المنطوق على العموم لأخصّيّته أو لوجه آخر وبقي على حاله ولم تضيّق دائرته ، فالمفهوم أيضا يبقى على حاله ، ولو ضيّقت دائرة المنطوق لجهة من الجهات ، فتضيّق دائرة المفهوم أيضا ، ولا يفرّق في ذلك بين أن تكون الدلالة على المفهوم بالأولويّة أو بالمساواة ، كما لا يخفى.
هذا كلّه في المفهوم الموافق ، أمّا المفهوم المخالف : فحاصل ما أفاده في الكفاية (١) أنّه إن كان دلالة العامّ على العموم وما له المفهوم على المفهوم كلاهما بالإطلاق ـ كما هو المختار عنده ـ أو بالوضع ، فلا يكون هناك عموم ولا مفهوم ، لتزاحم الظهورين الإطلاقيّين أو الوضعيّين ، فإن كان أحدهما أقوى ، يؤخذ به ، وإلّا يصير كلّ منهما مجملا مع الاتّصال ، وفي حكم المجمل مع الانفصال ، وانعقاد الظهور لكلّ منهما.
وسكت ـ قدسسره ـ عن حكم تعارض العموم والمفهوم إذا كان أحدهما بالوضع والآخر بالإطلاق.
والتحقيق في المقام أن يقال : قد عرفت في بحث المفهوم أنّ دلالة الجملة الشرطيّة على المفهوم وضعيّة ، وأنّه لا ريب في ظهور الجملة ـ لو لم نقل بصراحتها ـ في أنّ القيد راجع إلى الحكم لا المتعلّق والموضوع.
مثلا : لو قال المولى : «لو توضّأت فصلّ» ينفهم منه عرفا بلا ريب ولا ارتياب أنّ التوضّؤ قيد لوجوب الصلاة ، لا أنّه قيد للمتعلّق ، ولو كان قيدا له ، لكان حقّ العبارة أن يقال : صلّ عن وضوء أو عن طهارة.
نعم ، دلالة الجملة على كون القيد منحصرا في المذكور لا تكون بالوضع ، بل تكون بالإطلاق ومقدّمات الحكمة ، وعلى ذلك فإمّا أن تكون
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢٧٢ ـ ٢٧٣.