الحمل هو التنافي لو وجد لوجب الحمل ، كان الحكم إلزاميّا أو غير إلزاميّ ، ولو لم يوجد ، لا وجه له كذلك.
وما أفاده بعد ذلك ـ من أنّ الوجه في عدم الحمل فيها هو أنّ الغالب في باب المستحبّات هو تفاوت الأفراد بحسب المحبوبيّة (١) ـ غير تامّ أيضا ، فإنّ منشأ هذه الغلبة ليس إلّا عدم حملهم ، ولعلّه هو وجه أمره بالتأمّل ، مع أنّ مجرّد الغلبة الخارجيّة لا يوجب رفع اليد عن مقتضى الجمع العرفي في جميع أفراد المستحبّات.
كما أنّ ما أفاده من أنّ الوجه في عدم الحمل هو التسامح في أدلّة المستحبّات (٢) ، أيضا كذلك ، فإنّه ـ مضافا إلى ما أورده في الهامش على نفسه من أنّه لو كان مقتضى القاعدة والجمع العرفي هو حمل المطلق على المقيّد ، فلازمه عدم شمول حديث «من بلغ» للمطلق وعدم الاستحباب به إلّا للمقيّد ، لعدم صدق بلوغ الثواب عليه بعد رفع اليد عن إطلاقه وحمله على المقيّد (٣) ـ فيه : أنّ لازم ذلك الالتزام بالاستحباب في جميع المطلقات المتكفّلة للحكم الإلزاميّ بعد تقييدها وحملها على مقيّداتها ، فإنّ هذه المطلقات تدلّ على أنّ الإتيان بالمطلق واجب ، والآتي به يثاب عليه ، وتاركه يعاقب عليه ، وبواسطة دليل المقيّد يرفع اليد عن ظهور دليل المطلق بمقدار المعارضة ، وهو ظهوره في جواز الاكتفاء بالمجرّد عن القيد ، والعقاب على ترك المقيّد ، وأمّا بلوغه الثواب على المطلق فحيث لا يعارضه شيء باق على حاله ، فتشمله أخبار «من بلغ» ويلزم الحكم بمقتضاها بالاستحباب ، ولذا يلتزمون بالاستحباب فيما إذا
__________________
(١ و ٢) كفاية الأصول : ٢٩١.
(٣) كفاية الأصول : ٢٩١ ـ ٢٩٢ (الهامش).