فحينئذ نقول : بناء على إمكان الواجب المعلّق فلا شبهة في وجوب تلك المقدّمات بناء على وجوب المقدّمة شرعا والتلازم بين الوجوبين ، أي : وجوب ذي المقدّمة ووجوب المقدّمة ، وأمّا بناء على امتناع الواجب المعلّق تكون تلك المقدّمات واجبة بمقتضى قاعدة الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار.
هذا كلّه فيما استقرّ عليه الوجوب بالاستطاعة ، أمّا لو لم يستطع ولم يجب بذلك ، فلا يجب تحصيل الاستطاعة ومقدّماتها وإن كان متمكّنا من ذلك ، بل له أن يخرج نفسه عن موضوع المستطيع ما لم يستقرّ الوجوب عليه بأن وهب أمواله قبل ذلك ، فإنّه لا يجب عليه أن يعمل عملا يصير الحجّ بسببه ذا ملاك ملزم ، كما لا يجب عليه عدم الخروج عن بلده والمسافرة إلى حدّ المسافة آخر شعبان حتى يجب عليه الصوم في رمضان ، بل له أن يسافر ويخرج نفسه عن موضوع الحاضر الّذي يجب عليه الصوم ، ويدخل في موضوع المسافر الّذي لا يجب عليه الصوم.
وأمّا القسم الثالث منها ، وهو ما كان القدرة المأخوذة فيه هي القدرة الخاصّة والقدرة في زمان الواجب ، وفي هذا القسم لا يجب تحصيل المقدّمات الوجوديّة ، كما في الطهارات الثلاث بالنسبة إلى الصلاة ، فإنّ التمكّن منها شرط في زمان الواجب بحيث لا يجب عليه الوضوء مثلا قبل الوقت لم يعلم بأنّه لا يتمكّن منه بعد حضور الوقت ، بل لو كان متطهّرا ، له أن يجعل نفسه محدثا ، ولا يكون معاقبا بذلك.
فتلخّص ممّا ذكرنا أنّ المقدّمات المفوّتة منها ما لا يجب تحصيله ، كما في القسم الرابع ، ومنها ما يجب ، كما في سائر الأقسام.