أيضا ، أي حكمه حكم القدرة العقليّة ، فيجب التعلّم قبل حضور وقت الصلاة لمن يكون قادرا عليه ، ويعلم بعدم تمكّنه منه بعد ذلك حتى ينجرّ تركه في هذا الوقت إلى ترك الصلاة وتفويت المصلحة الصلاتية في وقتها ، إذ المفروض أنّه بمجرّد القدرة في وقت ما يكون الواجب تامّ المصلحة وذا ملاك ملزم ، غاية الأمر لا يكون فعلا (١) واجبا ، لعدم مجيء وقته ، ويكون الوجوب فيه مشروطا بالوقت ، فحينئذ لا بدّ من تهيئة مقدّماته المفوّتة ، لا لوجوبه الفعلي ، لأنّه مفقود على الفرض ، بل لحكم العقل بأنّ الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار عقابا ، فلا فرق بين القدرة العقليّة وهذا القسم من القدرة الشرعيّة في وجوب تهيئة مقدّماته المفوّتة ، فيجب التعلّم عقلا الملازم للوجوب شرعا عند التمكّن لمن يعلم بعدم تمكّنه في زمان وجوب الصلاة ، كما يجب كذلك حفظ الماء ويحرم إراقته لمن يعلم بعدم وجدانه للماء في الوقت وأنّه لا يتمكّن من الصلاة عن طهارة فيه وإن لم يكن الوجوب فعليّا حينئذ ، لعدم تحقّق شرطه وهو الوقت ، لما سبق من أنّ الواجبات الموقّتة كلّها مشروطة بالوقت ، ويعاقب على ذلك لو فعل ، لاستناد عدم التمكّن من الصلاة في ظرفها باختياره ، فلا ينافي استحقاقه للعقاب على ترك الصلاة.
وأمّا القسم الثاني منها ، أي : ما كان القدرة المأخوذة فيه هي القدرة الخاصّة والقدرة في ظرف الوجوب وبعد حصول شرائط الوجوب ، كالاستطاعة ، بناء على استقرار الحجّ لو صار مستطيعا في الشوّال مثلا ، فإنّ زمان الواجب بعد شهرين لكنّه استطاع بمعنى أنّه قدر على المسير إلى الحجّ ، وتمكّن من الزاد والراحلة ، ولو ترك المسير ، لعجز عن الحجّ في ظرفه.
__________________
(١) «فعلا» : ظرف.