بالواجب المعلّق ، يمكن بالقول بالشرط المتأخّر بأن يقال : إنّ القيد الّذي أرجعه صاحب الفصول إلى المادّة وصيّر الواجب استقباليّا يمكن جعله شرطا للوجوب ، فيقال : إنّ الوجوب للصوم مشروط بمجيء الغد بشرط متأخّر ، وقد حقّقنا في محلّه صحّة الشرط المتأخّر.
هذا ، والتحقيق أن يقال : إنّ الالتزام بالشرط المتأخّر ملازم مع القول بالواجب المعلّق ، والقول بالواجب المعلّق أيضا ملازم مع القول بالشرط المتأخّر ، فمن قال بالواجب لا بدّ له من الالتزام بالشرط المتأخّر ، ومن صحّح المقام بالشرط المتأخّر لا بدّ له من الالتزام بالواجب المعلّق.
أمّا الثاني : فلأنّ إرجاع القيد إلى الهيئة ، والالتزام بالشرط المتأخّر لا يدفع غائلة الواجب المعلّق ، إذ يسأل بعد ذلك عن أنّ وجوب الصوم ، المشروط بمجيء الغد بالشرط المتأخّر يكون فعليّا ، فهل الواجب أيضا فعليّ أو يتوقّف على مجيء الغد؟ لا يمكن المصير إلى الأوّل ، إذ لازم ذلك وجوب الصوم والإمساك من أوّل الليل ، فلا بدّ من القول بتقييده بالغد ، وهذا عين الواجب المعلّق ، إذ الوجوب فعليّ على الفرض مشروط بالشرط المتأخّر ، والواجب استقبالي مقيّد بمجيء الغد.
وأمّا الأوّل : فلأنّه يمكن أن يسأل القائل بالوجوب المعلّق عن أنّ القدرة والحياة والعقل هل تكون شروطا للتكليف أم لا؟ لا مجال للمصير إلى عدم الشرطيّة ، فإذا كانت شروطا له ، فهل تكون على نحو الشرط المقارن أو المتأخّر؟ لا سبيل إلى الأوّل ، إذ القدرة والحياة في الغد لا يمكن تقارنهما مع الوجوب الفعلي في الليل ، فلا بدّ من القول بأنّهما شرطان للوجوب متأخّران عنه ، فعلى صاحب الفصول ، القائل بالواجب المعلّق ، المنكر للشرط المتأخّر ،