الواجب ، سواء كان بلا واسطة أو مع الواسطة ، والأوّل كالصوم المقيّد بالغد ، والثاني كالوقوف بالعرفات المقيّد بكونه في يوم عرفة ، وأخرى لا يكون كذلك ، كالاستطاعة والمجيء ، فإنّه وإن كان واقعا في الزمان إلّا أنّ الزمان لم يؤخذ قيدا له.
والواجب المعلّق ـ الّذي ذهب إليه صاحب الفصول ـ هو ما يكون الواجب مقيّدا بزمان أو زمانيّ ، فيقول : إنّ الوجوب قبل مجيء الزمان أو الزمانيّ يكون فعليّا وإن كان الواجب استقباليّا.
والوجه فيما ذهب إليه هو : تصوير ترشّح الوجوب من الأمر بذي المقدّمة إلى المقدّمة ، إذ لو كان الوجوب أيضا استقباليّا ، لما كانت المقدّمة واجبة ، وحيث نرى بالضرورة من الشرع أنّ بعض المقدّمات لبعض الواجبات واجب قبل مجيء وقت الواجب ، كالغسل في الليل بالنسبة إلى الصوم ، وكأخذ الرفقة ، وركوب الدابّة ، والمشي إلى الحجّ مع أنّ الواجب لا يكون إلّا يوم عرفة وما بعده ، وحيث إنّ الوجوب في هذه الأمور مسلّم وقد علم أنّ الوجوب فيها ليس نفسيّا بل يكون مقدّميّا فألجئ صاحب الفصول إلى القول بكون الوجوب فعليّا والواجب استقباليّا وسمّاه بالواجب المعلّق.
وقد أورد في الكفاية (١) على هذا التقسيم بأنّ الغرض يحصل بصرف فعليّة الوجوب لا به وبكون الواجب أيضا استقباليّا.
وبالجملة وجوب المقدّمات ، الداعي إلى هذا الأمر إنّما يحصل بالقول بكون الوجوب فعليّا ، ولا مدخليّة لاستقباليّة الواجب في هذا الأمر.
وصيرورة الوجوب وجعله في هذه الموارد فعليّا كما يمكن بالقول
__________________
(١) كفاية الأصول : ١٢٨.