أيضا ، فمقتضى القاعدة هو : تقديم الإطلاق الشمولي في المتّصلين أيضا.
فإذا ثبتت هذه الكبرى الكلّية يثبت مدّعاه قدسسره ، وهو : تقديم إطلاق الهيئة.
أقول : الظاهر ـ والله العالم ـ أنّ غرضه ـ قدسسره ـ من التقديم هذا ، ونظره بما ذكرنا وإن لم تكن عبارته في الرسائل (١) وافية بذلك بحسب الظاهر ، إلّا أنّه يظهر منه ذلك بعد التأمّل والدقّة ، ومن هنا عبّر عن حجّيّة الإطلاق الشمولي بأنّها تنجيزيّة ، وعن البدلي بأنّها تعليقيّة.
وما ذكره ـ قدسسره ـ حقّ في الكبرى ، وهو كما أفاده فيها ، لكنّ المقام ليس من صغرياتها ، حيث إنّ هذه القاعدة جارية في موارد التعارض والتزاحم بين الدليلين لا فيما لا تعارض بين الدليلين أصلا لكن علم بتقييد أحدهما إجمالا ولو كان عموم أحدهما بالوضع وفي أعلى مراتب الظهور ، والآخر بمقدّمات الحكمة وفي أدنى مراتبه.
مثلا : لو ورد «لا تصلّ في النجس» و «الفقّاع خمر استصغره الناس» وعلمنا إجمالا بكذب أحدهما وأنّ أحدهما مقيّد يقينا ، فمقتضى القاعدة : الرجوع إلى المرجّحات السندية ، ولو لا المرجّح [تعيّن] سقوط كليهما عن الحجّيّة ، لأنّ العلم الإجمالي بالنسبة إلى كلّ منهما على حدّ سواء ، فترجيح أحدهما على الآخر يكون بلا مرجّح ، ولا معنى للتقيّد ، إذ لا تعارض حيث إنّ التعارض يكون فيما إذا كان كلّ منهما يثبت ما ينفيه الآخر ، وليس كذلك في المقام ، فإنّ وجوب الإمساك في كلّ زمان مثلا ـ الّذي هو مفاد الهيئة ـ لا يعارض إطلاق الإمساك في كلّ زمان بالضرورة ، غاية الأمر أنّا نعلم بتقييد أحدهما
__________________
(١) فرائد الأصول : ٤٥٧.