فالتحقيق في الجواب أنّ المقدّمة السببيّة ـ كما حكاه صاحب المعالم (١) فيه عن السيّد قدسسره ـ خارجة عن حريم النزاع في بحث وجوب المقدّمة.
بيان ذلك : أنّ البعث والتحريك لا بدّ وأن يتعلّق بفعل اختياريّ للعبد ، فإن كان هناك فعلان اختياريّان ، يمكن تعلّق الإيجابين بهما وأن يكون المكلّف مبعوثا ببعثين ، وأمّا لو كان أحد الفعلين يترتّب على الآخر قهرا ـ كترتّب المصلحة على الفعل ، وترتّب القتل على ضرب العنق ، والتطهير على الغسل ، وأمثال ذلك من المسبّبات المترتّبة على أسبابها من دون اختيار ـ فلا يمكن أن يكون السبب واجبا بإيجاب غير إيجاب المسبّب ، إذ تعلّق الإيجابين وبعثين وتحريكين عليهما لغو محض ، حيث إنّ الصادر من العبد حركة واحدة وفعل واحد ، كضرب العنق مثلا ، وإنّما يترتّب عليه أمر ليس تحت اختيار المكلّف وهو القتل ، فلا بدّ من البعث الواحد إمّا نحو السبب أو المسبّب. ولا يفهم الفرق بين قولنا : «اضرب عنق زيد» و «اقتله» بل المعنى الواحد عبّر بتعبيرين. ومن هنا كثيرا يقصد معنى واحد من عبارتين كذلك ، كما في «يجب تطهير الثوب» و «يجب غسله» ونحن نعبّر عن أمثال ذلك مسامحة ـ وإن كان خلاف الاصطلاح ـ بالعناوين التوليديّة ، وينتج ذلك نتيجة نتكلّم فيها في آخر البحث إن شاء الله ، وهي حرمة مقدّمة الحرام إن كانت سببيّة بعين هذا التقريب وإن كان المختار عدم حرمة مقدّمة الحرام في غير السببيّة ، فارتفع الإشكال وصحّ تعريف الواجب النفسيّ بما يكون واجبا لا لواجب آخر ، والغيري بما يكون واجبا لواجب آخر ، إذ المصالح حيث إنّها تترتّب على الأفعال قهرا فإيجابها بإيجاب آخر غير إيجاب الأفعال لغو محض ، فلا تكون واجبة حتى تصير
__________________
(١) المعالم : ٢٥٤.