ليس هناك إلّا أمر واحد متعلّق بموجود واحد ، فالمطلوب أيضا شيء واحد.
وأمّا الاعتبارية منها ـ وهي ما تكون مركّبة من أجزاء يكون كلّ واحد منها دخيلا في غرض واحد ، ولذا اعتبرها المعتبر شيئا واحدا ، وأمر بها أمرا واحدا ، كالصلاة ـ فقد قيل بجريان البراءة العقليّة في الأجزاء فقط دون الشرائط حيث ينحلّ الأمر إلى الأجزاء ، لأنّها وجودات متعدّدة في الخارج كلّ واحد منها قابل لتعلّق الأمر به.
وأمّا الشرائط : فحيث ليس بإزائها شيء في الخارج ، بل هناك وجود واحد ذو إضافات متعدّدة ، ولا يتكثّر الواحد بتكثّر الإضافات ، فلا تقبل إلّا تعلّق أمر واحد بالمشروط بها ، ولا ينحلّ الأمر بالمشروط من ناحيتها وإن كان لا مانع من انحلاله من ناحية الأجزاء ، فحينئذ لا تجري البراءة العقليّة عند الشكّ في شرطيّة شيء لشيء.
أقول : لا مانع من الانحلال من ناحية الشرائط أيضا ، فإنّ الإضافات وإن كانت لا توجب الكثرة في المشروط ، إلّا أنّها كلّها مئونة زائدة لا بدّ للمولى من لحاظها ، والتكليف بإيجادها في ضمن متعلّقاتها ، فلا محالة ينحلّ الأمر بالنسبة إليها أيضا ، فتجري البراءة في مقام الشكّ بالنسبة إليها أيضا.
إذا عرفت ذلك ، فاعلم أنّه لا مانع من الالتزام بأمرين ، وذلك لانحلال الأمر الغيري ـ المتعلّق بالوضوء المقيّد بكونه مضافا إلى أمر المولى وبداعي الأمر ، ـ إلى أمرين : أحدهما متعلّق بذات الوضوء والآخر بإتيانه بداعي الأمر ، إذ ملاك الأمر الغيري ـ وهو المقدّميّة ـ موجود ، فإنّ إتيان ذات الوضوء ممّا يتوقف عليه الوضوء المقيّد بداعي الأمر قطعا ، ضرورة أنّ المطلق ما يتوقّف عليه وجود المقيّد.