ومن يكفر بالقرآن من أهل مكة ، ومن تحزّبوا على الإسلام ونبيّه من جميع الأمم ، فالنار مورده ، لا ريب في وروده إياها ، والمعنى : أن مآله حتما إلى جهنم ، وهو من أهل النار جزاء تكذيبه.
فلا تكن أيها المكلف السامع ، في شكّ من أمر هذا القرآن ، فإنه حقّ من الله لا ريب ولا شكّ فيه ، ولكن أكثر الناس لا يؤمنون بهذا القرآن ، كما جاء في آية أخرى : (وَما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (١٠٣)) [يوسف : ١٢ / ١٠٣].
والسبب : أن المشركين مستكبرون مقلّدون زعماءهم ، وأن أتباع الأديان حرّفوا كتبهم ودين أنبيائهم.
والخلاصة : في آية (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ) معادلة محذوفة ، يقتضيها ظاهر اللفظ ، تقديرها : «أفمن كان على بيّنة من ربّه ، كمن كفر وكذّب أنبياءه؟ وإن ثمرة المقارنة أوضحت البون الشاسع بين مريد الدنيا ، فيوفى منها ، ومن يريد الآخرة فيعطاها وزيادة عليها وهو الدنيا». والقصد من آية (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها) ذمّ الحريصين على الدنيا ونسيان الآخرة. والقصد من آية : (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ) الرّد على منكري نبوّة الرسول عليهالسلام والطعن في معجزاته.
جزاء المؤمنين وجزاء الكافرين
ليس من المنطق ولا من العدل أن يتساوى المؤمن والكافر ، والبر والفاجر ، والمحسن والمسيء ، وإنما لا بدّ من جزاء متفاوت لكل صنف ، وهذا التفاوت ناشئ من الأعمال الاختيارية الإرادية التي يمارسها كل منهم ، فأهل الإيمان هم أهل الجنة خالدين فيها ، وأصحاب الجحود والكفر والظلم هم الملعونون في الدنيا ، الخاسرون