المعاد من جهة كونهما أداة لمعرفة السنين والحساب ، ثم ذكر المنافع الحاصلة من اختلاف الليل والنهار ، وما أبدع الله في السماوات والأرض.
الله سبحانه جعل الشمس في النهار ضياء للكون ، ومصدرا للحياة وإشعاع الحرارة الضرورية للحياة ، في النبات والحيوان ، وجعل القمر نورا في الليل يبدد الظلمات ، وقدر مسيره في فلكه منازل ، ينزل كل ليلة في واحدة منها ، وهي ثمانية وعشرون منزلا معروفة لدى العرب ، يرى القمر فيها بالأبصار : (وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ) [يس : ٣٦ / ٣٩] وهي البروج.
وهذه الآية تقتضي أن الضياء أعظم من النور وأبهى ، بحسب الشمس والقمر ، والضياء أشد تأثيرا على الأبصار ، وأما نور القمر فهو أهدأ وأقرب للتفاعل والتجاوب معه. لذا شبه الله تعالى هداه ولطفه بخلقه بالنور ، فهداه في الكفر كالنور في الظلام ، فيهتدي قوم ويضل آخرون. ولو شبه الله هداه بالضياء لوجب ألا يضل أحد ، فيصبح الهدى مثل الشمس التي لا تبقى معها ظلمة.
ومن فوائد الشمس والقمر : معرفة حساب الأوقات والأزمان ، فبالشمس تعرف الأيام ، وبالقمر تعرف الشهور والأعوام ، وفي كل من الحساب الشمسي والقمري فوائد ، فالحساب الشمسي ثابت ، والحساب القمري أسهل على البدوي والحضري ، لذا أنيطت به الأحكام الشرعية ، وبكلا الحسابين رفق بالناس ، وتسهيل لمعرفة شؤون المعاش والتجارة والإجارة وغير ذلك مما يحتاج لمعرفة التواريخ.
ما خلق الله ذلك المذكور من الشمس والقمر إلا خلقا ملتبسا بالحق الذي هو الحكمة البالغة ، ولم يخلقه عبثا بل لحكمة وفائدة ، فمعنى قوله تعالى : (ما خَلَقَ اللهُ ذلِكَ إِلَّا بِالْحَقِ) أي للفائدة لا للعب والإهمال ، فيحق أن تكون كما هي.
يبين الله الآيات الكونية الدالة على عظمته وقدرته ، والآيات القرآنية المرشدة