ومثل ذلك الأخذ بالعذاب وإهلاك الأمم الظالمة المكذبة لرسل الله ، كذلك نفعل أي الإله بأشباههم ، فنأخذ القرى ونهلكها ، وهي في حالة الظلم الشديد ، إن أخذ ربّك وجيع شديد ، لا يرجى منه الخلاص ، وهو إنذار وتحذير من سوء عاقبة الظلم في الدين والانحراف عن مقتضى اليقين بالله تعالى. وقوله تعالى : (وَهِيَ ظالِمَةٌ) أي إن أهل تلك البلدان ظالمون ، مثل قوله سبحانه : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) [يوسف : ١٢ / ٨٢]. أي أهلها. ومعنى قوله سبحانه : (إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) أي إن عقابه لأهل الشّرك موجع شديد الألم.
ثبت في الصحيحين عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن الله ليملي للظالم ، حتى إذا أخذه لم يفلته» ثم قرأ رسول الله صلىاللهعليهوسلم : (وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ).
فالقرآن والسّنة النّبوية مجمعان دالان على أن الظلم المقترن بالشرك والكفر ، موجب للعقاب والعذاب في نار جهنم. وقد يمهل الله تعالى عقاب بعض الكفرة ، وأما الظلمة في الغالب فمعاجلون ، وإن أملى الله لبعضهم وأجّل عذابهم فهو لحكمة : وهي ترك الفرصة لهم أن يتوبوا ويصلحوا أحوالهم ، ويقلعوا عن ظلمهم وشركهم ، وذلك بمقتضى الرحمة الإلهية الشاملة ، وهو منهاج التربية الأقوم.
الاعتبار في قصص القرآن بعذاب الآخرة
الاعتبار والاتّعاظ في بيان قصص الأمم الظالمة السابقة وما حلّ بها مفيد في الدنيا ، ومفيد أيضا في تربية الإنسان واهتدائه للخوف من أمر الآخرة ، والترهيب من عصيان الله والكفر به ، لئلا يكون الإنسان من الأشقياء الذين يصلون النار. وفيه أيضا الترغيب بالإيمان بالله وطاعته ، ليكون المؤمن التّقي الطائع مع السعداء الذين