وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ (١١٣)) (١) [هود : ١١ / ١١٠ ـ ١١٣].
والمعنى : والله لقد آتينا موسى الكتاب الذي هو التوراة ، فاختلف فيه بنو إسرائيل من بعده ، ظلما وبغيا ، وتنازعا على الزعامة والمصالح المادية ، فآمن به قوم ، وكفر به آخرون. مع أن الكتاب الإلهي نزل لتوحيد الكلمة وجمع الناس على منهج واحد ، فلا تبال أيها النّبي محمد باختلاف قومك في القرآن ، فلك بمن سلف من الأنبياء قبلك أسوة ، فلا تحزن ولا تهتم لتكذيبهم.
(وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) أي لولا سبق القضاء والقدر بتأخير العذاب إلى أجل مسمى ، لقضي بينهم في الدنيا ، بإهلاك العصاة ، وإنجاء المؤمنين ، كما حدث لأم آخرين. وإن المكذّبين لفي شكّ موقع في الريبة والقلق ، سواء أكانوا من قوم موسى أم من قوم محمد عليهما الصّلاة والسّلام. والكلمة من ربك هنا : عبارة عن الحكم والقضاء. وقوله تعالى : (لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) أي لفصل بين المؤمن والكافر بنعيم هذا وعذاب هذا.
وإن كلّا من المؤمنين والكافرين المختلفين في كتاب الله ، ليوفينّهم الله جزاء أعمالهم ، وما وعدوا به من خير أو شرّ ؛ لأنه خبير بتلك الأعمال كلها ، ولا يخفى عليه شيء منها. وهذا تهديد ووعيد لقوم النّبي صلىاللهعليهوسلم وكل مكذب برسالته.
وبعد هذا التهديد والتقريع للمختلفين في توحيد الله والنّبوة ، أمر الله رسوله صلىاللهعليهوسلم ، ويقصد بالخطاب الأمر بالدوام والثبات ، أمره بالاستقامة مثلما أمر بها غيره ، والاستقامة شاملة كل ما يتعلق بالعقيدة والعلم والعمل والأخلاق.
__________________
(١) لا تطمئنوا وتميلوا بالمحبة.