بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ) ثم ملّوا ملّة أخرى ، فقالوا : لو حدثتنا يا رسول الله ، فنزلت : (اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللهِ ذلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ (٢٣)) [الزّمر : ٣٩ / ٢٣].
سمي القرآن قرآنا ؛ لأنه يقرأ ، وهو اسم جنس يقع على القليل والكثير ، وقال أبو عبيد : سمّي قرآنا ؛ لأنه يجمع السور ، فيضمّها.
وسميت سورة يوسف بأنها أحسن القصص لأسباب ذكرها العلماء منها : أن كل من ذكر فيها كان مآله إلى السعادة ، يتبين ذلك من أحوال يوسف وأبيه وإخوته وامرأة العزيز والملك والساقي مستعبر الرؤيا. ومنها : انفراد السورة بما فيها من أخبار لم تتكرر في غيرها ، ومنها أنها ذكرت جملة من الفوائد التي تصلح الدنيا والدين ، كالتوحيد ، والفقه ، والسّير ، والسياسة ، والمعاشرة ، وتعبير الرؤيا ، وتدبير المعاش.
ومعنى الآيات في مطلع سورة يوسف : التنبيه بحروف (الر) إلى إعجاز القرآن ، وتحدّي العرب بالإتيان بمثله ، ما دام مكونا من الحروف نفسها التي تتألف منها لغتهم ، ويصوغون بها بيانهم الفصيح خطابة وشعرا ونثرا. والآيات التي أنزلت عليك أيها النّبي في هذه السورة آيات ظاهرة الإعجاز ، وهي آيات القرآن البيّن في نفسه ، الظاهر في إعجازه ، الواضح الجلي الذي يفصح عن الأشياء المبهمة ويفسرها ويبيّنها ، ويوضح الحلال والحرام ، والحدود والأحكام ، والهدى والبركة والنور.
يقرر الله تعالى أنا أنزلنا هذا القرآن على النّبي محمد العربي الهاشمي ، بلغة العرب أفصح اللغات وأبينها وأوسعها وأكثرها تأدية للمعاني التي تقوم بالنفوس ، لتتعلموا ما لم تكونوا تعلمون من قصص وأخبار ، وآداب وأخلاق ، وأحكام وتشريعات ،