يعقوب عليهالسلام وعليهم ، لما علم في ذلك من الصلاح في الآجل ، وبوحي لا محالة ، وإرادة من الله محنتهم بذلك. وهذا محكي في القرآن ، قال الله تعالى :
(وَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوى إِلَيْهِ أَخاهُ قالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (٦٩) فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ جَعَلَ السِّقايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ (٧٠) قالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ ما ذا تَفْقِدُونَ (٧١) قالُوا نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ (٧٢) قالُوا تَاللهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ ما جِئْنا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَما كُنَّا سارِقِينَ (٧٣) قالُوا فَما جَزاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِينَ (٧٤) قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (٧٥) فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَها مِنْ وِعاءِ أَخِيهِ كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ (٧٦)) (١) (٢) (٣) (٤) (٥) (٦) (٧) (٨) (٩) [يوسف : ١٢ / ٦٩ ـ ٧٦].
هذا ما حدث في الرحلة الثانية لأولاد يعقوب من فلسطين إلى مصر لجلب الطعام ، فقد ضمّ يوسف عليهالسلام أخاه بنيامين واختلى به ، وأطلعه على شأنه ، وعرفه أنه أخوه ، وقال له : لا تبتئس أي لا تأسف ولا تحزن على ما صنعوا بي ، وأمره ألا يطلع إخوته على ما أسرّ به إليه ، وتواطأ معه أن يبقيه عنده معزّزا مكرّما.
فلما جهّزهم يوسف بجهازهم ، أي لما أعدّ لهم الطعام ، وحمّل لهم أبعرتهم طعاما ، أمر بعض فتيانه (غلمانه أو خدمه) أن يضع السّقاية (الصّواع أو مكيال الطعام من فضة أو ذهب) في رحل أخيه بنيامين ، دون علم أحد.
__________________
(١) ضمّ إليه شقيقه بنيامين.
(٢) فلا تحزن.
(٣) المراد به مكيال الطعام ، وهو صواع الملك.
(٤) نادى مناد.
(٥) القافلة.
(٦) مكياله.
(٧) كفيل.
(٨) أي علمناه الحيلة وأوحينا إليه طريقة أخذ أخيه.
(٩) أي قانونه ونظامه.