هؤلاء العقلاء (أولو الألباب) الموصوفون بالصفات السابقة ، هم لا غيرهم لهم العاقبة الحسنة والسعادة في الدنيا والآخرة ، ففي الدنيا ينتصرون على الأعداء ، وفي الآخرة يدخلون الجنة بفضل من الله وإحسان. تلك العاقبة الحسنى هي الظفر بجنان الخلد ، التي يقيم فيها الصالحون والأنبياء والمرسلون ، يدخلونها هم وصالحو المؤمنين من آبائهم وأجدادهم وفروعهم وذرّياتهم ، يتنعّمون بخيراتها. وتدخل عليهم الملائكة من أبواب الجنة المختلفة تحييهم وتسلّم عليهم قائلين لهم : سلام دائم عليكم ، ورحمة سابغة من ربّكم ، بسبب صبركم في دنياكم على الطاعة ، وتجنّب المعصية ، والرّضا في المصاب بالقضاء والقدر ، والحمد والشكر على نعم الله ، فنعم عقبى الدنيا الجنة. وما أسعد العمال الذين أحسنوا العمل ، وأتقنوا الصنعة ، إذا ظفروا بالجزاء الحسن : من تقدير وحبّ ، وسمعة واحترام ، ومكافأة مجزية ، تجعلهم راضين رضا كاملا في نفوسهم ، مطمئنين مرتاحي البال والضمير ؛ لأن غيرهم قدّر عملهم.
أوصاف الأشقياء
واقع الحياة الدنيا وأحوال الناس فيها عجيب غريب ، فمنهم أهل الحق والاستقامة وهم السعداء بالفعل ، ومنهم أهل الباطل والانحراف ، وهم الأشقياء بالفعل ، وكل امرئ بما كسب رهين ، وبحسب ما يزرع كل إنسان يحصد في الدنيا والآخرة ، فمن زرع نباتا طيّبا ، استفاد منه وأفاد الآخرين ، ومن زرع نباتا خبيثا ، أضرّ نفسه وأضرّ الآخرين ، ولا غرابة بعدئذ أن يجازى المحسنون أعمالهم بجنان الخلد ، ويجازى الأشرار والفجّار بنيران الجحيم ، وذلك هو مقتضى العدل. وقد وصف الله تعالى أهل الشقاوة بما يأتي :
(وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي