إن هؤلاء الذين يستحقون الهداية هم الذين آمنوا بالله وصدقوا رسله ، وسكنت قلوبهم إلى توحيد الله ووعده ، وسرّوا بذكر الله واطمأنت قلوبهم إلى ربّهم ، ورضوا بالثواب الإلهي والفضل والإحسان الرّبّاني ، ولم يشكّوا بشيء من أصول الإيمان ، ولم يتبرموا أو يستخطوا على مراد الله وقدره ، وتلك هي السعادة الحقيقية : سكون القلب ، وهدوء البال ، والبعد عن القلق والاضطراب مصدر أكثر الأمراض ، ألا بذكر الله تطمئن القلوب وتهدأ ، وتلتزم باليقين ويستقرّ فيها الإيمان الكامل ، وتفيض بنور الإيمان ، وتشعر براحة النفس.
إن هؤلاء المؤمنين الذين امتلأت قلوبهم بالإيمان الصحيح وبرد اليقين ، وعملوا صالح الأعمال بأداء الفرائض وترك المعاصي لهم العيش الطيب الهنيء ، والنعمة والخير ، وحسن المرجع والثواب ، وهذا هو المراد بقوله تعالى : (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ (٢٩)) [الرعد : ١٣ / ٢٩]. والمآب : المرجع والمآل. وكلمة (طوبى) إما اسم أو مصدر ، فهي اسم شجرة في الجنة ، أو هي بمعنى الخير والنعمة والغبطة والعيش الطّيب للمؤمنين.
النّبي صلىاللهعليهوسلم والقرآن الكريم
إن علاقة الرّسل عليهمالسلام بأقوامهم علاقة صعبة وشائكة ودقيقة ، لأن أولئك الأقوام قوم عتاة أشداء ، وتوارثوا عادات معينة ، وألفوا البدائية والفوضى وممارسة الأهواء والشهوات ، والأنبياء والرّسل ذوو رسالة إصلاحية شاملة في العقيدة والشريعة والآداب القويمة ، يريدون أن ينقلوا الأقوام من همجيات أفعالهم إلى نور المعرفة والإيمان والمدنية والنور ، وذلك الانتقال يحتاج لجهود كبيرة وتضحيات جسمية ، فيقع الصّراع والتّحدي بين النّبي وقومه ، وهكذا كانت الحال مع رسول