تفصيل أصول الاعتقاد ، فأنزلنا عليك القرآن الكريم محكما لا زيغ فيه ، معربا بلسان قومك : (وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ حُكْماً عَرَبِيًّا ..) ليسهل عليهم فهمه وحفظه ، ويبين لهم الأمور ، ويفصل بين الحقّ والباطل ، فيوضح الحلال والحرام ، والشرائع والأحكام والأنظمة المؤدية لسعادة الدنيا والآخرة. والحكم في قوله تعالى : (حُكْماً عَرَبِيًّا) : ما تضمنه القرآن من المعاني بلغة العرب الفصحى.
ولئن اتّبعت يا محمد ـ على سبيل الافتراض ـ آراء تلك الفرق الضّالة ، وهذا يتناول المؤمنين إلى يوم القيامة ، مثل مجاملتهم في باطل عقائدهم وأهوائهم ، بعد ما عرفت الحق ، وجاءك العلم الصحيح ، فليس لك ناصر ينصرك من الله ، ولا حافظ ولا مانع يمنع عنك العقاب ، وينقذك من العذاب. وهذا وعيد شديد لأهل العلم أن يتّبعوا سبيل أهل الضّلالة ، بعد ما عرفوا الدين الحق ، وهو أيضا حسم وقطع لأطماع المعارضين الكفرة في إقرار ما هم عليه ، وتهييج للمؤمنين للثبات على دينهم.
ثم ردّ الله تعالى على طعن اليهود والمشركين بتعدّد زوجات النّبي صلىاللهعليهوسلم ومضمون الرّد : كما أرسلناك يا محمد رسولا بشرا ، كذلك جعلنا الأنبياء المرسلين قبلك من البشر ، يأكلون الطعام ، ويمشون في الأسواق ويتزوجون النساء ، وينجبون الذّرّية والأولاد ، فليس شأنك بدعا جديدا ، فقد تقدّم هذا في الأمم ، ثم زجر المقترحين من قريش بإنزال الملائكة ، المتعجبين من كون الرسول بشرا ، بأنه ليس في وسع النّبي محمد وغيره أن يأتي بمعجزة خارقة للعادة إلا بإذن وتمكين من الله ، ليس ذلك إليه ، بل إلى الله عزوجل يفعل ما يشاء ، ويحكم ما يريد ، ولكل حادث أو كتاب أو كائن وقت معين وزمن محدد ، ولكل وقت حكم يقرر على العباد ، بحسب المصالح والأحوال (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ) أي يبدل في الأشياء وينقلها كغفر الذنوب بعد تقريرها ، ونسخ آية بعد تلاوتها واستقرار حكمها ، وعند الله أصل الكتاب