الدائم : وهو اللوح المحفوظ وعلم الله الشامل الذي لا يتغير في حقّه ، وإن تبدّل في حقّ بني آدم ، فتلك الأشياء المقدرة في الأزل ، التي دونت في أم الكتاب ، لا يصح فيها محو ولا تبديل ؛ لأن القضاء سبق بها ؛ وهي ما استقرّ في نهاية الأمر ، وإن تغيّرت مسيرته. فأمّ الكتاب : هو ديوان الأمور المخزونة التي سبق القضاء فيها بما هو كائن من غير تبديل.
الأمر بتبليغ الرّسالة
لكل رسول من الرّسل الكرام مهمة واضحة ووظيفة محددة ، من أجل صالح البشرية ، وتصحيح مسيرتها ، ووضع الأنظمة الملائمة لحياتها ، وإذا تحققت هذه المهمة أو الوظيفة ، أصبح مضمونها حجة على البشر ، ووجب عليهم العمل بها ، والتزام ما جاء فيها ، لخيرهم وإسعادهم. وفي عالم الآخرة : الحساب والجزاء على ما يقدمه الناس من خير أو شرّ ، ولا ينفع مكر أو كيد ، أو إنكار وإهمال ، أو هروب من المسؤولية. قال الله تعالى :
(وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ (٤٠) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها وَاللهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ (٤١) وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً يَعْلَمُ ما تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ (٤٢) وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ (٤٣)) (١) [الرّعد : ١٣ / ٤٠ ـ ٤٣].
يحدّد الله تعالى في هذه الآيات موقف الرسول صلىاللهعليهوسلم من ألوان طلبات المشركين
__________________
(١) لا رادّ ولا مبطل له.