موصولة النّسب والمتابعة إلى نبيّنا محمد عليه الصلاة والسلام ، فكما أرسل الله نبيّه محمدا بالهدى ودين الحق ، وأنزل الله عليه القرآن لإخراج الناس من الظّلمات إلى النّور ، كذلك أرسل نبيّه موسى إلى بني إسرائيل بالآيات التّسع (١) لإخراجهم من الظّلمات إلى النّور ، داعيا إياهم إلى الخير ، والانتقال من دائرة الظّلمة والجهل إلى نور المعرفة والهدى والإيمان الحق.
وذكّرهم ووعظهم بأيام الله ، أي وقائعه ونقمه التي أحلّها بالأمم الكافرة الظالمة قبلهم ، وبتعديد نعم الله عليهم وعلى غيرهم من أهل طاعة الله ، إن في ذلك التذكير لدلائل واضحة على وحدانية الله وقدرته ، وبيّنات وعبرا لكل كثير الصبر على الطاعة والبلاء ، مؤمن ناظر لنفسه ، شكور في حال النعمة والرخاء. والتعبير عن النّعم والنّقم بأيام الله : تعظيم لهذه الكوائن المذكّر بها.
ألحّ موسى عليهالسلام على قومه الإسرائيليين أن يتذكروا عظائم النّعم الإلهية عليهم ، ونجاتهم من النّقم ، حيث أنجاهم من ظلم آل فرعون وما كانوا يذيقونهم من ألوان وآلام العذاب والإذلال ، وتكليفهم بالشّاق من الأعمال ، وكانوا فوق ذلك يذبّحون أبناءهم المولودين الصّغار ، خوفا من ظهور ولد إسرائيلي يكون سببا في تدمير ملك فرعون ، بحسب تفسير رؤيا فرعون مصر ، وكانوا يتركون الإناث أحياء ذليلات مستضعفات ، للمتعة والخدمة والمهانة ، وفيما ذكر اختبار عظيم من الله لهؤلاء القوم الأشرار ، سواء في حال النقمة ، أو في حال النعمة ، ليعرف مدى شكر الإنسان منهم ومدى كفره وجحود نعمة الله عليه ، كما قال الله تعالى في بيان منهاج اختبار البشر : (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ (٣٥)) [الأنبياء : ٢١ / ٣٥].
__________________
(١) الآيات التّسع : هي الطوفان ، والجراد ، والقمّل ، والضفادع ، والدّم ، والعصا ، ويده البيضاء ، والسنون والقاحلة في بواديهم ، والنقص في الثمرات في قراهم.