وثالثها ـ أنهم اتّخذوا الشركاء ذات الصفة الوثنية ، لتكون عاقبة أمرهم وصيرورته إضلال من شايعهم واتّبعهم ، وصرفهم عن دين الله ، وإبقاءهم في مستنقع الكفر والضّلال.
والأنداد جمع ندّ : وهو المثل والشّبيه المناوئ ، والمراد الأصنام. واستوجب هذا كله أن يهدّدهم الله ويتوعّدهم بقوله : (قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ) أي استمتعوا بما قدرتم عليه من نعيم الدنيا ، فإن جزاءكم ومصيركم إلى النار ، كما قال الله تعالى في آية أخرى : (نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ (٢٤)) [لقمان : ٣١ / ٢٤].
ونظير هذه الآية في التهديد : (اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ) [فصّلت : ٤١ / ٤٠] وقوله سبحانه : (قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ) [الزّمر : ٣٩ / ٨].
وبعد هذا التهديد للكفار ، أمر الله نبيّه بأن يبلّغ الناس ويأمرهم بإقام الصلاة التي هي صلة بين العبد وربّه وأجلّ العبادات البدنية ، ويأمرهم أيضا في سبيل المجتمع بالإنفاق في سبيل الله الذي هو عبادة مالية ، وذلك مما رزقهم الله ، بأداء الزكوات ، والنفقة على الأقارب ، والإحسان إلى الأباعد ، والتّصدق على المحتاجين.
وإقامة الصلاة : أداؤها مستكملة الأركان والشروط ، مع المحافظة على وقتها ، والخشوع لله في جميع أجزائها.
ويكون الإنفاق مما رزق الله ، في السّر (أي في الخفاء) وفي العلانية جهرا ، قال البيضاوي : والأحب إعلان الواجب (أي في النفقة) وإخفاء المتطوع به.
وتكون المبادرة للصلاة والإنفاق وغيرهما من الطاعات ، للخلاص بالأنفس والنّجاة من الهلاك ، من قبل أن يأتي يوم القيامة ، الذي لا بيع فيه ولا تجارة ولا فدية ، ولا تنفع فيه صداقة ومخالّة ، للصّفح والعفو والإنقاذ من العذاب ، بل إنه يوم