ـ ولا يرتدّ إليهم طرفهم ، أي لا يرجع إليهم تحريك الأجفان ، بل تظل أبصارهم شاخصة ، مفتوحة ، تديم النظر ، لا يطرفون ولا يغمضون ، لشدة الهول والفزع. والمراد دوام الشخوص والنظر.
ـ وتكون أفئدتهم هواء ، أي تصير قلوبهم خاوية خالية ، لا شيء فيها من القوة ، مضطربة ، لكثرة الخوف. والمراد أن قلوب الكفار في يوم القيامة تكون خالية من الخواطر والآمال والسرور ، لعظم الحيرة والدهشة ، لما رأوه من عقاب ، وما ينتظرهم من عذاب.
ثم جاء الإنذار الإلهي المقصود به تلافي الأسباب المؤدية للعذاب ، ومضمونه : وخوّف أيها النّبي الناس جميعا من أهوال عذاب القيامة ، حين يأتي العذاب ، ويقول الذين ظلموا أنفسهم حين معاينة العذاب هلعا واضطرابا : ربّنا ردّنا إلى الدنيا ، وأمهلنا إلى وقت قريب آخر ، قريب العودة إليك ، نتدارك فيه ما فرّطنا في الدنيا ، من إجابة دعوتك إلى التوحيد ، وإخلاص العبادة لك ، واتّباع رسلك فيما أرسلتهم به.
فردّ الله تعالى عليهم موبّخا : أولم تكونوا حلفتم من قبل هذه الحالة ، حينما كنتم في الدنيا : أنكم إذا متم لا زوال لكم عما أنتم عليه ، وأنه لا بعث ولا معاد ولا جزاء ، فكنتم تنكرون القيامة والحساب ، وتزعمون أنه لا انتقال لحياة أخرى.
والحال أنكم سكنتم أو أقمتم في مساكن الظالمين أنفسهم المفسدين في الأرض ، ورضيتم بأفعالهم وصاحبتم الظالمين الكافرين ، وسرتم مسيرتهم ، ورأيتم ما فعلنا بهم من الإهلاك والعقاب لتكذيبهم وجحودهم وصدودهم عن دعوة الحق ، وعاينتم آثار عذابهم ، وضربنا لكم الأمثال والعبر ، وهو أن الله قادر على الإعادة ، كما قدر على ابتداء الخلق ، وهو قادر على العذاب المؤجل ، كما قدر على العقاب المعجّل ، ولكنكم لم تتعظوا ولم تعتبروا.