ألا وهو الجنّة ، كما جعل مصير الشّر مصيرا شاملا ومحقّقا ألا وهو النار. وهذا دليل واضح على حبّ الله الخير والمصلحة لعباده ، وإرادته تعالى إبعادهم من الشرور والمفاسد والمساوئ ، لما فيها من ضرر مؤكد وتدمير محقق. قال الله تعالى مبيّنا هذا المنهج الإلهي في شرعة القرآن :
(وَاللهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٢٥) لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٢٦) وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ما لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٢٧)) (١) (٢) (٣) (٤) [يونس : ١٠ / ٢٥ ـ ٢٧].
إذا كانت دعوة الإسلام إلى الإيمان بالله وحده دعوة عامّة لكل أجناس البشر ، فإن الهداية التي هي الإرشاد مختصّة بمن قدّر إيمانه. ومعنى الآية : والله يدعو إلى الإيمان والعمل الصالح المؤدّيين إلى دار السّلام وهي الجنّة ، وسميت الجنة بدار السلام ، لأن من دخلها ظفر بالسّلامة والكمال ، وأمن الفناء والآفات ، وسلم من الشوائب والنقائص والأكدار.
ودعوة الله إلى دار السّلام وأمره بالإيمان عام لكل البشر ، ولكنه سبحانه يختص أهل الإيمان بالهداية ، أي بالإرشاد والتوفيق إلى الطريق القويم الموصّل إلى الجنّة ، ولا أقوم ولا أهدى من شرعة القرآن والإسلام المتضمنة أصول العقائد والأخلاق والشرائع والأحكام. ومن المعلوم أن الهداية نوعان : هداية دلالة عامّة ، وهي عامة لجميع الناس ، وهي الدعوة إلى الإيمان والإسلام ، وهداية توفيق وعناية ، وهي خاصة بالمؤمنين ، يوفقهم الله إلى طريق الاستقامة ، ويعينهم على القيام بواجباتها وآدابها.
__________________
(١) غبار مع سواد.
(٢) أثر هوان.
(٣) مانع يمنع عذابه.
(٤) كسيت وغطّيت.