أخرى : (لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (٣٧)) [عبس : ٨٠ / ٣٧]. وفي ذلك اليوم الرهيب تعطى كل نفس جزاء ما عملت من خير أو شر ، فيجازى المحسن بإحسانه ، والمسيء بإساءته ، والناس كلهم لا يظلمون ، أي لا ينقص أحد من ثواب الخير ، ولا يزاد على جزاء الشر ، ولا يتعرض أحد لظلم مهما قل ، صغيرا كان أم كبيرا.
وسبب نزول آية المغفرة للمفتونين : هو ما روى ابن سعد في (الطبقات) عن عمر ابن الحكم قال : كان عمار بن ياسر يعذّب ، حتى لا يدري ما يقول ، وكان صهيب يعذب ، حتى لا يدري ما يقول ، وكان أبو فكيهة يعذب حتى لا يدري ما يقول ، وبلال وعامر بن فهيرة وقوم من المسلمين ، وفيهم نزلت هذه الآية : (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا ثُمَّ جاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ).
وروى ابن أبي حاتم عن قتادة : أن عياشا رضي الله عنه (وكان أخا أبي جهل من الرضاعة) وأبا جندل بن سهيل ، وسلمة بن هشام ، وعبد الله بن سلمة الثقفي ، فتنهم المشركون ، وعذّبوهم ، فأعطوهم بعض ما أرادوا ، ليسلموا من شرهم ، ثم إنهم بعد ذلك هاجروا ، وجاهدوا ، فنزلت فيهم هذه الآية.
تدلنا السيرة المشرفة لهؤلاء على أن الصمود في وجه الظلم والظلمة الذين يفتنون الناس عن دينهم ، والتمسك بجوهر العقيدة في مواقف المحنة ، هو واجب المؤمن والمؤمنة ، فلا تخور عزيمته ، ولا يرتد عن دينه ، مهما كانت الصعاب.
عاقبة الكفر بالنعم
يحذّر الله تعالى عباده دائما من إهمال شكر النعمة الإلهية ، وينذرهم بما قد يتعرضون له من عاقبة وخيمة ، بسبب جحود النعم وإنكار فضل الله تعالى ، وضرب الله لنا المثل بمكة المكرمة قبل مجيء الإسلام ، حيث كانت آمنة مطمئنة ، فلا يغزوها