من المخلوقات ، وفرغ فيه من خلق مخلوقاته ، وإنما شرع تعظيمه عند اليهود الذين اتفقوا على ذلك أخيرا ، وألزموا به إلزاما قويا ، فذلك عقوبة من الله لهم ، حيث إنهم لم يثبتوا على تعظيمه ، بل عصوا فيه وتعدوا ، فشدد الله عليهم ، وأعنتهم في هذا التكليف ، ولم يكن تعظيمه من ملة إبراهيم.
وكان باقي الآية وعيدا لهم ، فالله يفصل بين الفريقين من اليهود فيما اختلفوا فيه في شأن اتباع موسى وعيسى ، ويجازي كل فريق بما يستحق من ثواب وعقاب. وظل اليهود متمسكين بتعظيم السبت ، حتى بعث الله عيسى عليهالسلام ، فحولهم إلى يوم الأحد ، كما تحولوا إلى الصلاة شرقا عن الصخرة. ثم عدلوا عن تحويل عيسى ، وعادوا إلى ما كانوا عليه.
وهناك اختلاف آخر بيّن اليهود ، غير الاختلاف المذكور في الآية ، ذكره نبينا صلىاللهعليهوسلم في الحديث ، حيث قال فيما رواه الشافعي والبخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه : «نحن الآخرون السابقون يوم القيامة ، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا ، وأوتيناه من بعدهم ، ثم هذا يومهم الذي فرض عليهم يوم الجمعة ، فاختلفوا فيه ، فهدانا الله له ، فالناس لنا فيه تبع ، اليهود غدا ، والنصارى بعد غد».
يظهر من إبراز هذه الاختلافات مراد واضح لله عزوجل وهو أن تتحد الأمم والشعوب ، والجماعات والأفراد على عقيدة واحدة وعبادة واحدة ، وأخلاق ومعاملات واحدة ، وعادات ومناهج واحدة ، وحينئذ يعم الخير ، ويسود السلام ، وتنتهي المنازعات إلى يوم القيامة.