تفسير سورة الإسراء
معجزة الإسراء
تقترن نبوة النبي أو إرسال الرسول عادة بمعجزة : وهي الأمر الخارق للعادة ، لإثبات النبي أو الرسول صدقه أمام قومه ، وأنه نزل عليه الوحي من ربه ، ومن المعروف أن الله تعالى أيّد نبينا محمدا صلىاللهعليهوسلم بمعجزات مثل معجزات الأنبياء قبله ، وقد ينفرد بمعجزة لا يماثله فيها نبي سابق ، مثل انشقاق القمر ، والإسراء والمعراج. وكان حادث الإسراء قبل الهجرة بعام أو بعام ونصف ، وكان ذلك في رجب ، والنبي صلىاللهعليهوسلم ابن إحدى وخمسين سنة وتسعة أشهر وعشرين يوما ، والمتحقق أن ذلك كان بعد شقّ الصحيفة : وثيقة مقاطعة قبائل قريش لبني هاشم وبني المطلب. وافتتح الله تعالى سورة الإسراء بخبره الموجز في الآية التالية من سورة الإسراء المكية :
(سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١)) (١) (٢) (٣) [الإسراء : ١٧ / ١].
لفظ الآية يقتضي أن الله عزوجل أسرى بعبده : وهو محمد صلىاللهعليهوسلم. والمعنى : تنزه الله تعالى من كل سوء أو عجز أو نقص أو شريك أو ولد ، فهو كامل الصفات تام القدرة ، فهو الذي أسرى بعبده محمد بواسطة الملائكة ، في جزء من الليل ، وبشخصه
__________________
(١) تنزيها لله وتعجيبا من قدرته.
(٢) سار به ليلا بالبراق.
(٣) وهو مسجد بيت المقدس ، سمي ((الأقصى)) في ذلك الوقت ؛ لأنه كان أقصى بيوت الله الفاضلة من الكعبة.