جسدا وروحا ، في تمام اليقظة ، لا في المنام ، من المسجد الحرام في مكة المكرمة إلى المسجد الأقصى ، في بيت المقدس ، وعاد إلى بلده في ليلته ؛ لأن الله تعالى قادر قدرة تامة على فعل العجائب والمعجزات.
وأكثر المفسرين اتفقوا على أن الإسراء حدث بالجسد والروح ، المعبر عنه بكلمة «عبده» وهو مجموع الروح والجسد فركب على البراق يقظة ، لا في الرؤيا والمنام ، ولو كان مناما لقال الله تعالى : بروح عبده ، ولم يقل : «بعبده» ولو كان مناما ، لما كانت فيه آية ولا معجزة. ثم عرج بالنبي صلىاللهعليهوسلم إلى السموات وإلى ما فوق العرش ، حيث فرضت في المعراج الصلاة على المؤمنين ، وكانت بحق معراج المؤمن ، وصلة بين العبد وربه ، ولا خلاف أن في الإسراء والمعراج فرضت الصلوات الخمس على هذه الأمة.
ووصف الله تعالى ما حول الأقصى بالبركة من ناحيتين :
إحداهما ـ النبوة والشرائع وإرسال الرسل الذين كانوا في ذلك القطر ، وفي نواحيه ونواديه.
الناحية الثانية ـ النّعم من الأشجار والمياه والأرض الخصبة ذات الأنهار والأشجار والثمار ، التي خص الله الشام بها. روى ابن عساكر عن زهير بن محمد عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «إن الله تعالى بارك ما بين العريش والفرات ، وخص فلسطين بالتقديس» وهو ضعيف.
وكان القصد من الإسراء : هو ما قاله الله تعالى : (لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا) أي لنري محمدا بعينيه آياتنا الكبرى في السماوات ، والملائكة ، والجنة ، وسدرة المنتهى وغير ذلك. مما رآه تلك الليلة من العجائب. وقوله تعالى في نهاية الآية : (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) وعيد من الله تبارك وتعالى للكفار على تكذيبهم محمدا صلىاللهعليهوسلم في أمر الإسراء ، فهي إشارة لطيفة بليغة إلى ذلك ، معناها : إن الله هو السميع لما تقولون ، البصير