بأفعالكم ، يسمع الله أقوال المشركين وتعليقاتهم على حادث الإسراء واستهجانهم لوقوعه ، واستهزاءهم بالنبي صلىاللهعليهوسلم في إسرائه من مكة إلى القدس ، والله يبصر ما فعل أولئك المشركون ، وبما يكيدون لنبي الله ورسالته.
وقد تواترت بذلك الأخبار والأحاديث النبوية في مصنفات الحديث الثابتة ، وروي عن الصحابة في كل أقطار الإسلام ، حيث روي عن عشرين صحابيا. وجلّ العلماء على أن الإسراء كان بشخصه صلىاللهعليهوسلم ، وأنه ركب البراق من مكة ، ووصل إلى بيت المقدس وصلّى فيه. والحديث مطوّل في البخاري ومسلم وغيرهما. والبراق كما جاء في كتاب الطبري : هو دابة إبراهيم عليهالسلام الذي كان يزور عليه البيت الحرام.
والإسراء بكامل شخص النبي صلىاللهعليهوسلم هو الصحيح ، ولو كانت الحادثة منامية ، ما أمكن قريشا أن تشنّع ، ولا فضّل أبو بكر رضي الله عنه بالتصديق ، لأنه كان أول المصدّقين ، ولا قالت له أم هانئ : لا تحدث الناس بهذا ، فيكذبوك. وأما المراد بقوله تعالى : (وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ) [الإسراء : ١٧ / ٦٠]. فهي رؤيا بصرية لا منامية ، لأنه يقال لرؤية العين : رؤيا. وأما ما نقل عن عائشة رضي الله عنها بأن الإسراء رؤيا منامية ، فهو لم يصح ، لأن عائشة كانت صغيرة ، لم تشاهد الحادث ، ولا حدّثت بذلك عن النبي صلىاللهعليهوسلم.
إنزال التوراة على موسى عليهالسلام
إن من أصول الإيمان في ديننا : هو الإيمان بالكتب السماوية المنزلة على الرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام ، وهي مائة وأربعة كتب : صحف شيث ستون ، وصحف إبراهيم ثلاثون ، وصحف موسى قبل التوراة عشر ، والتوراة والزبور