تفسير سورة هود
عبادة الله تعالى
في أوائل سورة هود المكّية ركّزت الآيات على إحكام القرآن الكريم ، فهو لا يشتمل على أي نقض أو تناقض ، كما أمرت بعبادة الله وحده باعتبار أن العبادة هي المقصود الديني الأعظم من خلق الإنسان كما في قوله تعالى : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦)) [الذّاريات : ٥١ / ٥٦]. وقوله سبحانه : (وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (٥)) [البيّنة : ٩٨ / ٥].
والعبادة الخالصة لله تعالى تتطلب الاستغفار والتوبة من الذنوب السابقة وعلى رأسها الكفر ، قال الله تعالى مبيّنا هذه الأصول المبدئية والتكليفية في مطلع سورة هود المكّية : (الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (١) أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ (٢) وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ (٣) إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٤)) (١) (٢) [هود : ١١ / ١ ـ ٤].
افتتحت سورة هود بالحروف المقطعة (الر) للتنبيه وتحدّي العرب بأن يأتوا بمثل القرآن ، ما دام مكوّنا من حروف لغتهم التي ينطقون بها ويكتبون بها. ثم قررت هذه
__________________
(١) ذات نظم محكم.
(٢) فرّقت في التنزيل بحسب المناسبات والأحوال.