(أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٥) وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللهِ رِزْقُها وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها كُلٌّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (٦) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ (٧)) (١) (٢) (٣) (٤) [هود : ١١ / ٥ ـ ٧].
نزلت الآية الأولى : (أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ ..) في الكفار الذين كانوا إذا لقيهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثنوا صدورهم ، أي طووها على الحقد والعداوة والحسد ، كالمستتر ، وردّوا إليه ظهورهم ، وغطّوا وجوههم بثيابهم تباعدا عنه ، وكراهية للقائه ، وهم يظنّون أن ذلك يخفى عليه وعلى الله عزوجل.
والمعنى : ألا إن الكفار المشركين حين يسمعون الدعوة إلى الله وتوحيده ، يعرضون عن النّبي صلىاللهعليهوسلم بصدورهم ، كيلا يراهم هو ولا غيره ، إمعانا في العناد والكفر. ألا حين يتغطون بثيابهم ليستخفوا أو يتواروا من محمد أو من الله ، يظنّون أن الله لا يراهم ، مع أن الله تعالى يعلم ما يسرّونه في قلوبهم ، وما يعلنونه من أقوال وأفعال ، إنه سبحانه علّامة بالأسرار ذات الصدور ، وبخواطر القلوب ، ويرصد الله عليهم كل أمورهم ، كما جاء في آية أخرى : (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ وَهُوَ مَعَهُمْ) [النّساء : ٤ / ١٠٨].
ومن مظاهر علم الله وفضله أنه سبحانه تكفل برزق كل ما يدب على الأرض أو في البحر أو في الجو ، ويعلم مستقر كل دابّة ومستودعها ، أي يعلم منتهى سيرها في
__________________
(١) يطوونها على الكفر والعداء.
(٢) يتغطون بها مبالغة في الستر.
(٣) موضعها في الأصلاب والأرحام ونحوها.
(٤) موضعها في الأرحام والأصلاب ونحوها.