شيء ، فيجمع الله بين الجزاءين : التّمتيع في الدنيا ، والثواب في الآخرة. ولكن متاع الدنيا قليل فان ، ومتاع الآخرة كثير خالد.
فإن أعرضتم أيها الناس عما دعوتكم إليه من عبادة الله وحده لا شريك له ، فإني أخشى عليكم وأحذّركم من عذاب يوم كبير هو يوم القيامة. ووصف هذا اليوم بالكبر ، لما فيه من السّعة والأهوال ، كما وصف بالعظم والثّقل لما فيه من العظائم والشدائد ، والأثقال والآلام. وهذا توعّد بيوم القيامة.
وأضاف الله تعالى إليه توعّدا آخر وهو تفرّد الله بسلطان الحساب في الآخرة ، فجميع الناس مرجعهم وطريقهم إلى الله ، أي إلى عقابه وجزائه ، وهو سبحانه القادر الذي لا يضرّه شيء ، ولا يجير عليه مجير ، ولا وقاية من قضائه وحكمه ، فالله قادر تمام القدرة على ما يشاء من الإحسان إلى أوليائه وأحبّائه وعبّاده ، والانتقام من أعدائه. وقوله تعالى : (إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ) يفيد الحصر ، يعني أن مرجعنا إلى الله ، لا إلى غيره.
فضل الله وعلمه وقدرته
عجيب أمر هذا الإنسان ، إنه مغمور بأفضال الله التي لا تحصى ، مضمون له رزقه ، محوط بعلم الله في سرّه وعلانيته ، مقدور عليه في كل تحرّكاته ، لا يستطيع النّفاذ أو الهرب من سلطان الله وعزّته ، وإنما مصيره ومرجعه إلى الله ، يحاسبه على كل ما قدم وأخّر ، وهو مع ذلك معرض عن ربّه المنعم عليه ، القادر الرّازق. وما ذلك إلا لضعفه وقصور عقله وسوء تقديره في فهم الأشياء. وهذه دلائل قدرة الله على كل مخلوق وفضله عليه في قوله سبحانه :