وقياس كلام أهل المذهب : وجوب ذلك إذا خشي ذهاب المال ، لعدم الكتابة ، ويكون ذلك فرضا على الكفاية.
وقوله تعالى : (كَما عَلَّمَهُ اللهُ) فيه وجهان :
الأول : أن المعنى مثل ما علمه الله تعالى كتابة الوثائق ، يعني : لا يبدل ولا يغير.
وقيل : المعنى : ان يكتب ؛ لأن الله علمه ، كقوله تعالى : (وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ) [القصص : ٧٧] والمعنى : انفع غيرك بالكتابة كما نفعك الله بالتعلم لها.
وقوله تعالى : (فَلْيَكْتُبْ) هذا تأكيد للأمر بالكتابة ، وذلك لأن الكتاب على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان فيهم قلة ، فلذلك أكد الأمر.
وقوله تعالى : (وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُ) هذا أمر ثالث بأن الذي عليه الحق يملل ، أي : يلقي ، والإملاء والإملال : لغتان بمعنى ، وقد ورد بهما القرآن ، قال تعالى : (فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ) [الفرقان : ٥] فأمر تعالى بأن الذي عليه الحق يقر.
ثم أكد ذلك بقوله تعالى : (وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ) يعني : فلا يبخس منه شيئا ، وهذا الأمر للوجوب ، والبخس : النقص.
قال الحاكم : ولا خلاف في وجوب الإقرار ، والإشهاد قدر ما يثبت به الحق ، لا أكثر من ذلك.
تنبيه
إذا أدان رجل غيره دينا ، أو باع منه مبيعا بدين ، أو نحو ذلك ، وأراد إثبات ذلك عند الحاكم ليستقر ماله ، فادعى على صاحبه ذلك الدين هل يجيبه بقوله : لا أعلم ذلك. أو ذلك ليس بصحيح؟ كان مخلا بما يجب عليه من الإملال ، ومرتكبا لمحظور وهو الكذب بنفيه للدين ، أو بنفيه