لعلمه به ، وهذه عادة كثير من المتداعيين عند الحكام ، أو يقر مع حضور الشهود ، وشهادتهم فهل إقراره يؤثر في بطلان الشهادة ، فيكون الحكم بالإقرار؟ أو لا يؤثر فيكون الحكم بالشهادة والإقرار؟ ولعل هذا ـ والله أعلم ـ كما ذكروا في الحدود ، وأن الشهادة إذا تمت فأقر المدعى عليه فإنه يحد عند الشافعي ، وذلك لأن الإقرار معاضد ، فإذا كان يحد عند عدم المعارضة ، فعند المعاضدة أولى ، ولكن أصل الشافعي أنه يكفي الإقرار مرة واحدة.
وقال أبو حنيفة : إن الشهادة تبطل مع الإقرار (١) ، فيكون الحكم هنا بالإقرار ، وقد ذكره المنصور بالله ، وأبو جعفر للهادي ، وللناصر ، أما لو فرضنا أن إقراره لا يحكم به ، كأن يكون محجورا عليه صحت الشهادة ؛ لأنها تشهد على غيره ، فلو أن المدعى عليه أجاب المدعي بقوله : ثبّت دعواك ، فهذا ليس بجواب ، وقد يعتاد الجواب بذلك في بعض النواحي ، ويجعل بمثابة قوله : لا أعلم.
وقوله تعالى : (فَإِنْ كانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ) دل هذا على أن إقرار السفيه والضعيف لا يعمل به ، ودل على أن ولي هؤلاء الثلاثة يعمل بإقراره ، وأن الشهادة عليه تصح ، هذا إن جعلنا الضمير في وليه يرجع إلى الثلاثة المذكورين ، وهم السفيه ، والضعيف ، وغير المستطيع ، وهذا هو الظاهر ، وهو مروي عن الضحاك ، وابن زيد ، وذكره عن أبي العباس في الشرح (٢).
__________________
(١) أي : لا يستند الحكم إليها ، بل إلى الإقرار ، وإلا فهو في الحقيقة مؤكد للشهادة فليتأمل.
(٢) هو شرح القاضي زيد ، وقد سبق التنويه أن كلما ورد الشرح ، فالمراد به شرح القاضي زيد.