وعن ابن مسعود رضي الله عنه : وقف رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على ثنية الحجون وليس بها مقبرة يومئذ ، فقال : (يبعث الله من هذه البقعة ، ومن هذا الحرم كله سبعين ألفا ، (يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ) ... (بِغَيْرِ حِسابٍ) ، يشفع كل واحد منهم في سبعين ألفا ، وجوههم كالقمر ليلة البدر).
وعنه صلىاللهعليهوآلهوسلم (من صبر على حرّ مكة ساعة من نهار تباعدت عنه جهنم مسيرة مائتي عام).
وقيل : (مَنْ دَخَلَهُ) عام عمرة القضاء (كانَ آمِناً) ؛ لأنه قال تعالى : (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ) [الفتح : ٢٧].
قيل : الضمير في قوله : (وَمَنْ دَخَلَهُ) للبيت ، وقيل : للحرم ، وقواه الحاكم لأنه المتقدم ذكره (١).
وقوله تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) اللام هذه للإلزام ، أي :
ولله فرض واجب.
ثمرة الآية الكريمة : الترغيب في زيارة البيت الحرام ، وفعل الطاعات فيه ؛ لأن الله تعالى وصفه بالبركة والهدى ، وجعل فيه آيات بينات.
الثانية : الأمان لمن دخله فيحرم صيد الحرم ، وتنفيره ، وإفزاعه ، ومن دخله وقد ارتكب ما يوجب الحد أو القصاص فقد حكى علي بن العباس إجماع أهل البيت عليهمالسلام : أنه لا يقام عليه الحد إلى أن يخرج منه ، وهو قول أبي حنيفة ، قال أبو حنيفة : لكن لا يطعم ولا يسقى حتى يخرج.
__________________
(١) هذا سهو عن الحاكم (إلا على قول من يقول : إن بكة اسم للمسجد (ويعود الضمير في قوله لأنه المتقدم ذكره على (البيت). وقد يقال عليه : الأولى أن يعود إلى أقرب ملفوظ.
ولفظ الحاكم ((وَمَنْ دَخَلَهُ) قيل : دخل مكة ، وقيل : البيت ، وهو الأولى ، وإن كان كل واحد منهما مذكورا يصح رجوع الكناية إليه).