وبين تعالى صفتهم فقال : (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ) يعني : في أبواب البر من الجهاد والصدقة.
وقوله تعالى : (فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ) قيل : أراد حال اليسر ، وحال العسر ، وقد يروى عن بعض السلف أنه ربما تصدق ببصلة ، وعن عائشة أنها تصدقت بحبة عنب ، وقيل : في حال السرور والاغتمام.
قال جار الله : وقد الإنفاق لأنه أشق على النفس ، ولأنه في ذلك الوقت أعظم الأعمال للحاجة إليه في الجهاد ، ومواساة الفقراء.
وقوله تعالى : (وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ) وذلك بأن يمسك على ما في نفسه [منه بالصبر] ، ولا يظهر له أثرا (١).
وعنه صلىاللهعليهوآلهوسلم (من كظم غيظا وهو يقدر على إنفاذه ملأ الله قلبه أمنا وإيمانا) (٢). للكرخي :
وإذا غضبت فكن وقورا كاظما |
|
للغيظ تبصر ما تقول وتسمع |
فكفى به شرفا بصبرك ساعة |
|
يرضى بها عنك الإله وترفع (٣) |
وقوله تعالى : (وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ) يعني : إذا جنى عليهم أحد
__________________
(١) ما بين القوسين ساقط في الأصل ، وقد أثبتناه من الكشاف ، فإنه نقل كلام جار الله ولفظ الأصول التي بين أيدينا (وذلك بأن يمسك على ما في نفسه ، ولا يظهر له أثر).
(٢) ولفظ الكشاف (وافتتح بذكر الإنفاق لأنه أشق شيء على النفس وأدله على الإخلاص ، ولأنه كان في ذلك الوقت أعظم الأعمال للحاجة إليه في مجاهدة العدو ومواساة فقراء المسلمين. كظم القربة : إذا ملأها وشد فاها. وكظم البعير : إذا لم يجتر. ومنه : كظم الغيظ ، وهو أن يمسك على ما في نفسه منه بالصبر ولا يظهر له أثرا ، وعن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (من كظم غيظا وهو يقدر على إنفاذه ملأ الله قلبه أمنا وإيمانا).
(٣) وفي نسخة (ترضى بها عند الإله وترفع).