فقال مالك : إذا ظهرت إمارات البلوغ حكم ببلوغه ، وذلك كغلظ الصوت ، وانشقاق الأرنبة (١) ، ونحو ذلك.
وقال داود : لا يبلغ حتى يحتلم ، وإن بلغ أربعين سنة.
وقوله تعالى : (فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً) اختلف في تفسير الرشد ، فعن قتادة : هو العقل ، وهذا قول أهل المذهب.
وقيل : الصلاح في العقل والدين ، وهذا مروي عن الحسن ، وقتادة أيضا.
والقول الثالث : الصلاح في العقل ، وحفظ المال ، وهذا مروي عن ابن عباس ، والسدي.
قال عيسى بن عمر : هو الصحيح ؛ لأنه لا يجوز الحجر على الفاسق الذي ماله في يده ، فكذا الفاسق الذي ماله في يد وليه (٢).
وقال الشافعي : أن يظهر منه العقل والدين ، وصيانة المال.
وقيل : العقل وصلاح المال لا الدين (٣).
قال جار الله : وقوله تعالى : (رُشْداً) إنما جاء منكرا ؛ ليدل أنه أراد طرفا من الرشد لا جميعه ، فعلى مذهبنا إذا بلغ عاقلا سلم إليه المال مطلقا ، وزال حجر الصغر ، وعلى قول الحنفية : إنما يسلم [إليه ماله] (٤) إذا بلغ ، وأنس منه الرشد لصلاح المال ، فإن لم يكن مصلحا لماله ، حفظ عند أبي حنيفة إلى بلوغ خمس وعشرين سنة ، ثم يسلم إليه ، وإن لم يؤنس الرشد.
__________________
(١) الأرنبة : رأس الأنف.
(٢) هذا رد على من قال : الصلاح في العقل والدين. (ح / ص).
(٣) هذا يشبه القول الثالث.
(٤) ما بين القوسين ثابت في غير أ ، وب.