يجب الإشهاد ، بل يستحب ، وإنما يجب لعموم قوله تعالى : (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَ) وهذا مذهبنا ، وأبي حنيفة ، وأحد قولي الشافعي.
وأحد قوليه : يجب الإشهاد ، محتجا بقوله تعالى في سورة الطلاق : (فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) [الطلاق : ٢] وهذا أمر ، والأمر على الوجوب.
قلنا : الواو لا توجب التعقيب ، فإذا جاز تراخي الإشهاد ثبت أنه غير واجب ، إذ لو وجب وجب الاقتران كالنكاح ، ثم إن الأمر بالإشهاد ورد عقيب الفراق لا عقيب الرجعة ، ولما كان القياس على سائر العقود يوجب عدم الإشهاد ، كان القياس معارضا لظاهر الأمر ، فحمل على الندب.
ويتعلق بهذا الحكم فروع
الأول : في حكم الرجعة ، فإن كان الطلاق للسنة ، فهي مباحة ، ولعل أقسام النكاح تأتي هنا ، وإن طلقها وهي حائض فمذهبنا ، وأبي حنيفة ، والشافعي أنها مستحبة ، غير واجبة ، وإنما لم تجب لقوله تعالى : (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَ) وما كان حقا للإنسان لم يجب عليه.
وقال مالك : تجب لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم لعمر حين طلق ابنه عبد الله زوجته وهي حائض : «مره فليراجعها» وهذه مسألة أصولية هل الأمر بالأمر يدل على الوجوب على المأمور أم لا (١)؟ ذهب الأكثر إلى أنه لا يدل ؛ لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «مروهم لسبع» فإن ذلك لا يدل على الوجوب على الصبيان.
__________________
(١) ويمكن أن يقال : أما في مثل هذه المسألة فالكل متفقون على أن الأمر بالأمر بالشيء أمر به ؛ لأنه مثل أن يأمر الملك وزيره بأمر ليلقيه إلى من دونه ، ولا شك أن من دون الوزير مأمورون ؛ لأن الوزير مبلغ عن الملك ، وإلا لزم أن لا تكون الأمة مأمورة بما أمر به رسوله أن يبلغه إليها ؛ لأن الأمر بالأمر بالشيء ليس أمرا به ، وهو باطل اتفاقا ، وعمر مبلغ عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى ابنه عبد الله ، على أن الحديث مصرح بالأمر لعبد الله ، بقوله : (مره فليراجعها) فليس من مسألة الأمر بالأمر بالشيء في شيء من ذلك. (ح / ص).