الموصي لسره أن يوصي لهم ، فنهوا عن ذلك ، وهذا قول مقسم (١) ، وأبي مالك الحضرمي.
ومنهم من قال : هو خطاب لولاة الأيتام أن يقولوا خيرا ، ويفعلوا خيرا ، وليأت إلى اليتيم ما يحب أن يفعل لذريته من بعده.
فالمعنى : (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ) صفتهم أنهم لو شارفوا الموت ولهم ذرية ضعفاء (٢) ، خافوا عليهم ، فليتقوا الله عن ضرار الورثة (٣) ، أو منع الميت من الوصية (٤) بماله أن يوصي به ، أو أن يغلظوا على الأيتام (٥) ، وجعل الورثة الذين يذهب حافظهم وكافلهم ضعافا ، فشبّهوا بناقص القوة ، وإن حمل على ضعف القوة لصغرهم صح ، وقد جاء على الأول قول القائل (٦) :
لقد زاد الحياة إلى حبا |
|
بناتي إنهن من الضعاف |
أحاذر أن يرين البؤس بعدي |
|
وأن يشربن رنقا بعد صاف |
الرنق : الماء الكدر.
__________________
(١) هو مقسم ـ بكسر الميم ، وسكون القاف ، وفتح السين ـ ابن بجرة ، مولى عبد الله بن الحارث بن نوفل ، وإنما قيل له : مولى ابن عباس للزومه له ، وهو تابعي ثقة.
(٢) وفي ب (ضعاف).
(٣) هذا على الوجه الأول.
(٤) هذا على الوجه الثاني.
(٥) هذا على الوجه الثالث.
(٦) القائل : هو أبو خالد الخارجي ، لامه قطري بن الفجاءة ، عن التخلف عن الحرب ، فاعتذر بذلك ، وقيل : لمحمد بن عبد الله الأزدي ، وقيل : لعمران بن حطان. انظر حاشية الكشاف. وذكر ابن أبي الحديد أنه لأبي خالد الخارجي ، وبعد البيتين :
وإن تعرين إن كسي الجواري |
|
فتنبو العين عن كوم عجاف |
ولو لا ذاك قد سومت مهري |
|
وفي الرحمن للضعفاء كاف |