القول الثالث : أنها اسم للمال ، وهذا مروي عن النضر بن شميل (١) ، وقد ذكر الله الكلالة في موضعين ، هذا موضع وتسمى هذه آية الصيف (٢) ، والثاني في ميراث الأخوة لأب وأم وهي قوله تعالى : (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالاً وَنِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [النساء : ١٧٦] وهي آية الشتاء.
وقوله تعالى : (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِها أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ) والمعنى : لا يوصي وهو مضار لورثته.
قال جار الله : وذلك بأن يوصي بزيادة على الثلث أو يوصي بالثلث فما دونه يريد مضارة الورثة لا وجه الله.
وعن قتادة : كره الله الضرار في الحياة وعند الممات ، فنهي عنه.
وعن الحسن : المضارة في الدين أن يوصي بدين ليس عليه ، يعني يقرّ به.
وقوله تعالى : (وَصِيَّةً مِنَ اللهِ) مصدر مؤكد ، أي : يوصيكم الله وصية ويجوز أن يكون منتصبا بمضار ، أي : لا يضار (٣) ما أوصى به الله في الأولد بأن يدعهم عالة بإسرافه في الوصية ، وينصر هذه قراءة الحسن
__________________
(١) النضر بن شميل هو : تلميذ الخليل بن أحمد من أهل اللغة.
(٢) وفي شرح النجري : هي آية الشتاء والآخرى آية الصيف تمت حاشية النسخة (ب) ص (٤ أ).
(٣) في هذا حجة على عدم صحة الوصية مع قصد المضارة. وكذا النذر فلا يصح لأنه يكون حينئذ محظورا ؛ لأن الله تعالى عقبه بالوعيد الشديد.