واعلم : أن النهي عن الأخذ مع إرادة الاستبدال ومع عدم الإرادة ، وإنما قيد ذلك بالإرادة لأجل عادتهم التي كانوا يفعلونها ، أو لدفع توهم متوهم (١) أن الثانية تقوم مقام الأولى.
وقوله : (وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً) القنطار : المال الكثير ، وحده بعضهم بدية إنسان ، وبعضهم بملء مسك ثور ذهبا ، وبعضهم بألف أوقية ومأتي أوقية ذهبا ، والمراد هنا بالنهي : أن يأخذه بهتانا ، وهو أن يكون بغير حق ولا طيبة نفس ؛ لأن إطلاق الآية يدل على المنع من الأخذ في عموم الأحوال ، وقد قال الله تعالى : (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) [النساء : ٤].
وقال تعالى : (فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) [البقرة : ٢٢٩] والتلفيق أن ابن زيد قال : هذه الآية منسوخة بقوله تعالى : (فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) (٢).
وقال بكر بن عبد الله المزني حكم الآية ثابت فلا يجوز في جميع الأحوال أخذ شيء (٣).
والقول الثالث : قول جلة العلماء أن قوله تعالى : (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ) في حال ابتدائها راضية بذلك لأنه ابتداء هبة.
وقوله تعالى (فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) حيث النشوز من جهتها ، أو حال المراضاة على الخلاف ، وهذه الآية حيث النشوز من جهته وحده بأن يريد الاستبدال أو يضارها ، وقد روي أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال لثابت
__________________
(١) يعني الجواز ، لأن الفراقة على الثانية يجيز ما أخذ من الأولى. تمت حاشية النسخة (أ) ص (٨ ب).
(٢) تهذيب الحاكم (خ) رهن التحقيق.
(٣) نفس المصدر.